مصر .. تغيرات دراماتيكية في الموقف الاستراتيجي الكلي !
د.احمد القطامين
31-10-2016 10:03 PM
في الاونة الاخيرة اخذت تتكشف تطورات مثيرة للغاية لسلوك السياسة المصرية في المنطقة منطلقة من مجموعة معقدة ومتداخلة من الدوافع المركبة التي تكمن خلفها حقيقتان اثنتان:
الحقيقة الاولى، ان مصر من غير الممكن ان تتبنى موقفا عدائيا من سوريا لاسباب تاريخية واستراتيجية نسجتها التجارب والمصالح واعتبارات الامن القومي المصري عبر التاريخ واصبحت هذه الحقيقة احدى اهم ركائز الدولة الفعلية العميقة في مصر بغض النظر عمن يحكمها.
والحقيقة الثانية، ان السياسة المصرية في الاشهر الاخيرة اتجهت بانعطافة حادة وسريعة باتجاه العودة الى الحاضنة الروسية . ومن تجليات تلك الانعطافة موقف مصر الداعم للمشروع الروسي في مجلس الامن الذي احدث ردود فعل سعودية غاضبة جدا، وادى الى ازمة غير مسبوقة في العلاقات بين البلدين تمثلت بهجمات اعلامية عنيفة جدا ضد السعودية قامت به وسائل الاعلام المصرية، اضافة الى حقيقة ان مصر شرعت ايضا في اعادة تأهيل القاعدة العسكرية المصرية القديمة في "سيدي براني" على سواحل مصر على البحر الابيض المتوسط بنية تأجيرها للبحرية الروسية.
اضافة الى شروع القوات المسلحة المصرية في الاعداد لمناورات ضخمة مع الجيش والبحرية الروسية في البحر الابيض المتوسط خلال الاسابيع القادمة.
لقد تم كل ذلك مع الجانب الروسي في حين اخذت السياسة المصرية في نفس الوقت بالانفتاح التدريجي على ايران، كل ذلك تزامن مع زيادة ملحوظة في مستوي رفضها وانتقاداتها العلنية للحرب السعودية على اليمن وسوريا.
من الملفت ايضا ان وفدا كبيرا برئاسة شيخ الازهر ومجموعة من كبار المسؤولين المصريين قد شارك في “مؤتمر غروزني” الذي انعقد بدعم ورعاية روسية وكان الهدف منه كشف الدور الذي يقوم به المذهب الوهابي والدعوة الى اخراجه من المذهب السني، وهذا ما تمخض عنه المؤتمر فعليا.
لقد سعت السعودية في السنوات الماضية الى اغداق المساعدات الكبيرة على مصر حتى بلغت ما يقارب 27 مليار دولار بهدف توظيف القوة الناعمة المصرية في شرعنة الحروب على سوريا واليمن ، الا ان مصر اخذت تنحو بالاتجاه المضاد مما يعني ان الازمة الحالية في العلاقات بين البلدين مرشحة للتصاعد بالرغم من المحاولات التكتيكية للتهدئة من الحكومة السعودية والمصرية على حد سواء.
اخيرا يبدو واضحا ان التوجه السياسي الاستراتيجي المصري الجديد اخذ يدفع الى المنطقة بحالة جديدة مدعومة بكامل اوراق القوة لدى مصر في محاولة قوية لاستعادة دورمصر المحوري في المنطقة، وهذا سيضع مصر في مسار يقودها حتما الى مواجهة كبيرة مع السياسة السعودية التي تعتبر نفسها زعيمة المنطقة بلا منازع والتي انتهجت في السنوات الاخيرة نهجا اتسم بخشونة بالغة في التعامل مع المعطيات التكتيكية التي نتجت عن تفاعلات ما عرف بظاهرة الربيع العربي في المنطقة..