قانون الاحزاب الجديد, بشروطه وقيوده الجديدة, هو, بالطبع, غير ديمقراطي, فالأصل ان يتم تسجيل الاحزاب ;بخبر وعلم+ من دون شروط, ولكن بحوافز بل قل بامتيازات تتوافق مع حجم مؤيديه من دافعي الضرائب.ومع ذلك, فأنا أيّدتُ الشرط القاضي بتسمية خمسمئة مؤسس من خمس محافظات من اجل ترخيص الحزب, وذلك لأسباب سياسية واقعية.
اولاً: للتخلص من الهواة الذين جمعوا, في وقت ما, خمسين مواطناً من اصدقائهم واقاربهم, وحصلوا على رخصة حزب ومنصب امين عام! وبعض هذه الاحزاب - كما اعرف شخصياً - لا يضم سوى عطوفته! وبعضها يقتصر على ثلاثة اعضاء.
والكم العددي ليس اساسياً في العمل الحزبي, فقد يكون ثلاثة من الكوادر .. بل مناضل واحد, حزباً من حيث المعنى والفكرة والنشاط والتأثير.
ولطالما دهش الدارسون من عزيمة الرفيق ;فهد+, مؤسس الحزب الشيوعي العراقي, الذي كان لنضاله الشخصي دور استثنائي في بناء واحد من اكبر الاحزاب الجماهيرية في العالم العربي.
كذلك يتذكر الاسلاميون عزيمة الشيخ حسن البنا, مؤسس الاخوان المسلمين, الذي جال كفور مصر كلها, ووهب كل لحظة من حياته, في اقامة اكبر حركة سياسية دينية عرفها العرب في العصر الحديث.
ثانياً: للتخلص من الدكاكين التي تمزق الحركات السياسية العلمانية الكبرى, وتشلها. فلدى الشيوعيين اكثر من خمسمئة مؤسس من الكادرات الغائبة لان لوبيات صغيرة حصلت على تراخيص, واستأثرت بالختم!
فاذا انخرط جميع الشيوعيين واليساريين في حزب واحد قائم على اساس هيئة عامة حرة في انتخاب قيادة مركزية - بصورة ديمقراطية - ونظام داخلي يعترف بالمنابر وحق الاختلاف, ربما يكون لدينا في تلك الهيئة العامة التأسيسية, كادرات وانصار يتجاوز عديدهم آلافا واكثر.
وينطبق ذلك على البعثيين والقوميين والى حد ما على انصار الخط الوطني الدستوري الوسطي.
التيار الوحيد الذي ليس له انصار هو التيار الليبرالي. وهو مع ذلك - للمفارقة - يحظى بالسيطرة على مفاصل القرار الاقتصادي والاجتماعي في البلد. وليس في حاجة, اذاً, الى اعضاء.
ثالثاً: قانون الاحزاب الجديد اللاديمقراطي, يعرقل, لحسن الحظ, قيام الامناء العامين بحشد اقاربهم كمؤسسين. فمن ذا الذي يوجد لديه اقارب بعدد كافٍ في خمس محافظات.
ومع ذلك كنا نرجو ان يكون هنا ;ئ.ءت + سياسي لقبول اي مؤسس, لمنع الحصول على تواقيع فارغة.
رابعاً: اذا كان لدى التيارات السياسية العلمانية الكبرى, الارادة الجادة نحو تفعيل حضورها ودورها, فعليها ان تغتنم الفرصة للانتظام في اربعة احزاب نظن انها تمثل الاتجاهات الرئيسية في البلاد.
وهي: الحزب الاسلامي والحزب اليساري والحزب القومي والحزب الوطني.
فإذا نشأت هذه اللوحة الحزبية, سوف ينظر اليها النشطاء والمواطنون بجدية, وينخرطون - كل حسب قناعاته - في نشاطاتها. كذلك, لن تستطيع الحكومات, بعد, تجاهلها.
أدعو اليساريين والقوميين والوطنيين الى الكف عن الشكوى والسعي الى الاحتفاظ بالوضع القائم غير العقلاني. وبدلاً من المحاولات المستميتة للتفاهم مع الاوساط الحكومية, فليتفاهموا مع رفاقهم وزملائهم على صيغ جماعية جديدة للعمل السياسي.