عرب العراق .. ماذا دهاكم؟
ماذا اصابكم .. بفعل مس من عمل الشيطان ؟
او بفعل بشري خبيث ، عبث في أدمغتكم، تمكن ان ينتزع منها شريحة شخصيتكم وهويتكم العربية الرحبة الجامعة، فيستبدلها بشريحة طائفية ضيقة وهمية آسنة ، تمكنت منكم حتى اصبح الانتماء المذهبي اساساً لفرقتكم وتباغضكم ، بعد ان كانت العروبة ملاذا و أمل، شعلة حملتموها، فكنتم في مقدمة الركب بذلا وعطاء..
***
كنتم.. منذ ان كنتم.. عراقيين عربا، بابليين ، كلداناً، آشوراً، صائبة ، وازيديين، ومع ذلك كنتم اهل حضارة… و أي حضارة ؟! انها أم الحضارات «الرافدين» ، التي أول من وضعت القوانين "حمورابي" وابتكرت الكتابة باعتبارها الوسيلة الأهم في البناء الحضاري التراكمي الانساني.
وكنتم منذ ان كنتم .. "عربا مسلمين" ومنذ فجر الاسلام، سنة وشيعة ومعتزلة ومرجئه واحناف ومالكية وحنابله وشافعية واباظية … الخ ، ومع ذلك كانت بغداد و لقرون طويلة مركز الدنيا، وكانت مراسيم بغداد، اوامر ينحني لها العالم شرقاً وغرباً.هذا لأنكم كنتم تبنون حضارة وتمدون الحياة بنسغها،علماً وفكراً وثقافة وعلوما بحته.
وكان مرد انجازكم التاريخي هذا .. لانكم تعاملتم مع مكوناتكم الثقافية والدينية والمذهبية على انها تنوع ايجابي وحالة اغناء.خلاف حالكم اليوم ، حيث أصبحت حياتكم تسوء، بعد أن حولتم مكوناتكم تلكالى مادة للاختلاف…بل والاختلاف السلبي.
***
وكنتم .. ومنذ ان كنتم في العراق المعاصر، رواد العروبة والمنتصرين لقضاياها ، وها هي مقابر شهدائكم في فلسطين وفي الاردن وفي سوريا وفي مصر تحوي رفات أبطال ، لا فرق كانوا عربا أو كردا أو آشوريين أو كلدان، سنة أو شيعة، مقابر يفوح منها عبق الانتماء والاستشهاد، فقد حملتم المعاني السامية للعروبة .. فكنتم في طليعة الطليعة.
وكنتم بالامس تخوضون حربا ضروسا لـ 8 سنوات في وجه ايران، دفاعاً منكم عن بوابة العروبة الشرقية وعن هوية العراق الوطنية .. ولم تنطلي عليكم تلك الطبقة من (الكريما) المذهبية المغشوشة، فحاربتم و انتصرتم… بجيش وطني أغر … ستبقى ذكراه ماثلة، و تبقى الأفئدة معلقة بانجازاته.
***
اين انتم اليوم يا عرب العراق؟ مهمشون مقسمون متباغضون تتلفعكم شعارات مذهبية وهمية، طلاء يخدم مصالح قوى اقليمية طامعة بكم وبارضكم وبمصالحكم ، طلاء يسعى الى ان ينتزع من داخلكم هويتكم العروبية الوطنية العراقية الجامعة والتي لا انتصاراً الا بها .. لا بل و من أجلها.
اليوم وانتم على ابواب اخراج قوى التطرف والتشدد من الموصل ، تتنازعكم المصالح التركية تحت يافطة زائفة ، «حماية السنة»! و سمعنا بالأمس حقيقة الموقف التركي بلا لبس، بذلك الافصاح العلني الذي عبر عن رغبة كامنة قديمة بضم الموصل الى تركيا بل واقتطاع خمسة آلاف كيلومتر من الشمال السوري. وتتنازعكم كذلك المصالح الايرانية التي تسعى الى مزيد من تمددها الايراني تحت يافطة «شيعية» ، فبعد عربستان فان الدور على جنوب العراق، و لربما بغداد … الم يقل مسئول ايراني من قبل « أن بغداد هي عاصمة بلاد فارس» !. ناهيك عن «اخوتنا» الاكراد الذين يسعون الى توسيع اقليمهم بقضم المزيد من ارض السواد..! ، بل ويمارسون تطهيراً عرقياً ضد العرب .. كالذي تشهده كركوك هذه الايام.
اين انتم .. اين هو مشروعكم الوطني العروبي ، الذي يقفز فوق كل الاوهام ، فيضع لكل الطامعين حداً ، مشروع يرتقي بالدين وبالمذاهب ، فهي منا والينا شرط ان تكون عوامل جمع لا عوامل تفرقة.
***
بالامس كان لقاء لفعاليات من الطيف العراقي الواسع ومعهم اخوة لكم من الاردن الذي يتوق الى العراق الظهير الابي ، الذي يحمل انفة وكبرياء العرب ،بحضوره الانساني المهيب ودوره الايجابي الفعال .. قد اجتمعوا في الجمعية الاردنية للعلوم والثقافة ، حيث ساند الحضور البيان الصادر عن ابناء الموصل .. ام الربيعين وحلقة الوصل المهمة في الجسم العربي … البيان الذي يؤكد على عروبة الموصل كجزء من الوطن العراقي ، البيان الذي يدعو الى الارتقاء فوق كل الفواصل المذهبية المشينة نحو عراق .. أمثل نتمناه كما تتمنونه ، وهي دعوة لتأييد مضمون ذلك البيان .. كسبيل للخروج من المأزق الكبير الذي تعيشه الموصل ويعيشه العراق .
***
وبعد : اعيدوا ايها العراقيون لبلدكم وشعبكم وحدته وألقه ومكانته ، فالتاريخ الذي يكتب صفحات نور الى رواده المخلصين ، يكتب أيضاً صفحات مجللة بالبؤس والسواد الى المارقين والانتهازيين والمفرطين بالاوطان.
«والله والعروبة ومحبة العراق من وراء القصد".
*على خلفية ندوة عقدتها الجمعية الاردنية للعلوم والثقافة حول الموصل