عبدالله كنعان: وَ"مكانة القدس في الفكر الهاشمي"
يوسف عبدالله محمود
30-10-2016 11:38 AM
من حين لآخر يهديني الباحث المميّز عبدالله كنعان ما يصور عن اللجنة الملكية لشؤون القدس التي يَشرف عليها بأنه أمينها، من كتب ووثائق تعنى بشؤون هذه المدينة الخالدة التي حباها سبحانه وتعالى قداسةً يتقاسمها جميع أصحاب الأديان السماوية.
وبصدق أقول إن هذا الرجل صاحب الهوى الهاشمي قد استطاع من خلال هذه اللجنة الملكية أن يبرز الوجه البهيّ لمدينة القدس التي غزاها احتلال صهيوني غاشم يعمل جاهداً على تهويدها وتغييب معالمها التراثية.
ومن خلال نشاطها المتواصل تلعب هذه اللجنة الملكية دوراً مشكوراً في فضح سياسة التهويد هذه وأخطرها الاستيطان الاستعماري الإحلالي.
في مقال له يحدثنا عبدالله كنعان عن "مكانة القدس في الفكر السياسي الهاشمي" مشيراً إلى "الأبعاد الدينية والروحية والتاريخية والوطنية والقومية والدولية" لهذه المدينة.
للقدس مكانة الصدارة في الفكر السياسي الهاشمي فهي حظيت وتحظى يرعاية الهاشميين منذ مفجر الثورة العربية الكبرى الشريف الحسين بن علي – طيب الله ثراه- الذي أوصى أن يُسجّى جثمانه لدى وفاته في ثرى هذه المدينة التي ناضل من أجل أن تظل عربية الوجه والطابع. وعلى عتبات أقصاها المبارك استشهد المغفور له جلالة الملك المؤسس عبدالله بن الحسين – طيب الله ثراه..
وعليه، كان من الطبيعي أن تحظى هذه المدينة بالمكانة التي تستحقها في الفكر السياسي الهاشمي.
أليسوا هم المنحدرين من صلب خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم. أليست شرعيتهم التاريخية المتجسّدة في الثورة العربية الكبرى خير شاهد على علاقتهم الروحية بهذه المدينة.
يحدثنا الباحث عبدالله كنعان "عن مظاهر التعبير العملي الذي يبديه الهاشميون بقيادتهم الهاشمية تجاه القدس على كافة الأصعدة الوطنية والقومية والإسلامية والدولية.
يشير في البداية إلى الإعمار الهاشمي الأول في مدينة القدس منذ السنة 1924م بمبادرة الحسين بن علي – طيب الله ثراه- بالتبرع بمبلغ (38) ألف دينار ذهباً لإعمار الرحاب الطاهرة والمحافظة عليها لتبقى المدينة عربية إسلامية.
كما قدم – رحمه الله – (25) ألف دينار ذهباً إلى كل فلسطين من أجل إعمار المساجد والأوقاف في عموم فلسطين، ومما هو جدير بالذكر أن هذا الشريف الهاشمي قدّم هذه المبالغ في وقت كان في أمسّ الحاجة إليها وهو يقود أحرار الأمة من أجل حريتها وعزها.
كتاب "القدس والهاشميون" – عبدالله كنعان ص166
أما الملك المؤسس عبدالله الأول فقد ساعد شخصياً سنة 1949 في إخماد حريق كاد أن يدمّر كنيسة القيامة الواقعة قرب الحرم القدسي الشريف، حيث أمر الحكومة بإعادة ترميمها والعناية بها.
وعلى هذا المنوال سار الملك الراحل الحسين بن طلال – طيب الله ثراه- الذي كَلّف لجنة إعمار القدس بوضع خطة متكاملة لرعاية المدينة المقدسة. وهذا ما كان.
واليوم نسج جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين على منوال آبائه وأجداده الهاشميين في تقديم كل عون ممكن تتطلب المقدسات الإسلامية في القدس.
أما عن الدعم السياسي الذي تقوم به الأسرة الهاشمية من أجل زوال الاحتلال الغاشم عن الأرض الفلسطينية، فيكفي شاهداً عليها اليوم هذه الجولات العالمية المتواصلة التي يقوم بها أبو الحسين – حفظه الله – سائراً على نهج من سبقوه في مسعاهم لرفع الغُمّة عن هذه الأرض المقدسة، ولا ننسى هنا دور سمو الأمير الحسن بن طلال الذي يولي اللجنة الملكية كل رعاية ناهيك عن نشاطه الدولي الواسع في الانتصار للقضية الفلسطينية.
يبقى أن أقول إن شمس القدس لن تغيب. يوماً ما ستعود هذه المدينة إلى أهلها. ستتحطم القيود والأصفاد التي تكبلها.
كم من أقوام عبر التاريخ حاولوا اغتصابها وتغيير هويتها، فباءوا بغضب من الله.
ما أسرع ما تم دحرهم.
هو الحق يبقى راكداً
فإذا طغى بأعماقه الخط العصوف يدمدم
وينحط كالصخر الأصم
على هام أصنام العُتوِّ فيحطم
إذا صُعق الجبّار تحت قيوده
سيعلم أوجاع الحياة ويفهم
(الشابي).