يَـنـُوحُ الْـغُـرَابُ ،
عَلَى نَخْـلَةِ الْقَلْبِ ،
يَـلْطُمُ حُلْمَ الدَّوَالِيْ
وَيـَنـْثـُـرُ فَوْقَ جَبيني الـسّـوادْ .
فَـيَمْتـَدُّ صَـوْتـِيَ عَـبْرَ الْمَـدَى :
أفِـيقُـوا ..
هِيَ الـرِّيـْحُ تَـصْـفِـرُ ،
تـَنـْفُثُ سُمّـاً، وَنـَـارْ
لِـتَسْـقُطَ فِي مَهْـجَـعِ الرِّمْـشِ ،
جَـمْرَاً يـَـلَـظّى
وَفِي رَحِـمِ الـرُّوحِ تُـلْـقِيْ الـرَّمَــادْ .
***
أفِـيـقُـوا ..
فَقَدْ طَالَ هَذَا السُّبَاتُ، وَطَالَ الْهُجُوعْ
أفِـيـقُـوا ..
فَـذِيْ الـنـّـارُ ،
تَـرْكُـضُ عَـبْـرَ الْـحُـقُـولِ ،
تُـحَوِّلُ زَرْعِيْ زُؤانَاً ،
وَحَـبّـاً رَديئـاً
وَتَقْلِبُ زَيـْـتِيْ صَـدِيدَاً ، وَسُمّاً
وَتـَمْـلَأُ بِـئـْرِيْ دُمُــوعْ .
***
وَفِي الْحُلْـمِ آنـَسُ ضَـوْءَاً
يـَشِـعُّ بـَهِـيّـاً كَـوَجْـهِ نَـبِيّْ
يـَلُوحُ شَهِيّاً كَـثـَغْـرِ “جَمِيـلَةْ "
فَأرْكُضُ نَحْوَ سَنَاهُ الْحَبيبْ
لَعَلّيْ أجيءُ بِحَفْـنـَةِ مَـاءٍ
تـَبـُلُّ عُــرُوقِيْ
تُـعِـيدُ لِحَقْلِيْ الْحَيـَـاة
فَأرْكُضُ ، أرْكُضُ ،
أهْـتِفُ بِاسْمِ " جَميـلَةْ "
وَأحْمِلُ رَسْمَ " جَميـلَةْ "
وَلَـكِنْ .. . سَـــــرَابْ
فَــآهٍ تُـيـَمِّـمُ وَجْهِـيْ لِآهْ
وَفِيْ الْأُفْقِ، دَوْمَاً، تَـلُوحُ " جَميـلَةْ “.
***
تـَمُـرُّ الثّـوَانِيْ بِطَـاءً
عَلَى بُـؤْبـُؤِ الْعَيْنِ تَمْشِيْ كَسِيـحَةْ
كَشَيْخٍ ضَـرِيرٍ،
رَمَـتْهُ حَوَافِـرُ خَيْلِ الْغُـزَاةِ ،
تَعَاوَرَهُ الْجُنـْدُ بِالسّوْطِ والْخَيـْـزَرَانْ .
تَمُـرُّ اللّيَالِيْ ،
تَشِـيبُ الشُّهُورُ ،
يَشِيخُ الزّمَـانْ
وَفِيْ لُجّةِ اللّيْلِ أبْكِيْ " الجَميـلَةْ "
رَفيقَةَ حُـلْـمِيْ الذّبـيـحْ :
" يَا حَمَامَاً بِرُوسِ الْعَلَالِيْ يـِنُوحْ
مَا ظَـنّيـْتَ الِحْـبَـيِّبْ
يِفَارِقْ صَحِـيحْ " .
***
يّـنـُوحُ الْغُـرَابُ ،
وَفَوْقَ الطّـلُولِ يُـعَرْبـِدُ صَمْتٌ وَبـُـومْ
فَلَا شَيْءَ إلّا سَـوَافٍ تُقَهْقِهُ ،
عَبْرَ السُّهُولْ
وَأصْـدَاءُ ( تَـرْويدَةٍ ) مِنْ بَنَاتِ الْجَـنُوبِ تَقُولْ :
" يُمّةْ يَا يُمّةْ ، وْحَشِّيْ لِيْ مَخَدّاتِي
طَلَعْتِ مْنَ الْبَـيْتِ مَا وَدّعْتِ خَيّاتِي .
يُمّةْ يَا يُمّةْ ، وْهَاتِيْ لِيْ مَـنَادِيـلِيْ
طَلَعْتِ مْنَ الْبَيْتِ مَا وَدّعْتَ أنَا جـيليْ " .
*** **