أجدني مضطرا لمرة ثالثة أو رابعة أن أكتب عن أخلاق الشارع , وأقصد هنا سلوكيات السواقين في قيادتهم وتوقفهم وإصطفافهم , والمشاة والواقفين على طرف الشارع والراغبين بقطعه وشقه إنتقالا الى الطرف الآخر .
هذه لوحة لا نريد أن تعتادها ولا نرغب في أن تصبح جزءا من صباحاتنا ومساءاتنا , لا نريد أن تشكل سلوكنا والإنطباع عنا ولا نحب أن تصبح صفة نحملها وتحملنا أينما نذهب , يتحدث فيها الزوار والراغبون في الزيارة فتكون أول النصائح التي يلقونها قبل زيارة عمان .. خذخ حذرك أزمة سير خانقة وسياقة فظيعة , قلة إحترام وسوء أدب وإستنفار وضيق صدر ..
لا نريد أن يصفنا الناس عربا وأجانب بهذه الصفات , ولا نريد أن تحمل عاصمتنا هذا الوسم بإعتبارها عاصمة يقرف فيها الناس القيادة ويتسلحون بكل مضادات العصبية ويتوقعون كل أشكال الألفاظ النابية والكشرة والتلويح المفرط في حركة اليد والجسد .
لا نريد أن يصفنا الناس من شعوب الأرض بأننا مستفزون ومتأففون لا نتحمل جناح ذبابة ولا نطيق نظرة ولا نقبل حتى إعتذارا , وكأننا نحارب الهواء ونتعارك مع غبار الشارع .
• وزير للأعصاب .
اللهم لا حسد .. ليست مثل أي دولة .. لا تنشغل الامارات ودبي تحديدا بهموم تشغل بال دول كثيرة في مرتبتها اقل أو اكثر .
فها هي قد عينت وزيرة للسعادة .. هذا ليس ترفا كما قد يعتقد البعض .. هذه خطوة جادة ..
منذ اعلان النبأ انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي بالخبر .. لكنه في الامارات كان عاديا .. هناك من تندر وهناك من تمنى .. لكن الطريف ان الاردنيين بعضهم وجدها فرصة للنيل من حكومات تنشر (التعاسة ).
عطفا على الجزء الأول أعلاه . لا نريد وزيرا للسعادة ربما يلزمنا وزيرا للأعصاب , ينصحنا كيف نتحكم بغضبنا الذي نزأر به بمناسبة وغير مناسبة , وزيرا يلحقنا قبل أن نفقع من شدة ما نضغط على أنفسنا وزيرا يطل علينا صباح كل يوم عبر الإذاعات بكلام ناعم يسترسل بهدوء يقودنا الى الهدوء من فرط ما يفقد بعضنا أعصابه ويزمجر ويعربد صباح كل يوم يسب الطريق والمارة والسيارات وسواقيها والساعة التي إستيقظ فيها من النوم والساعة التي إنطلق فيها على الطريق فيقبض بزنديه على المقود يشده كما لم يفش غله طوال عمره , وينظر ويتلفت بعيون جاحظة إكتحلت بالحمرة , يريد أن يتعارك يطلب فرصة ليطلق غضبه المكبوت .
• التكسي وما أدراك ما التكسي .
أيضا وفي ذات السياق , إليكم حوارا يجري في العادة بين أي منا مع أي سائق تكسي , فبعد أن تنقطع أنفاسك وتكل يدك من كثرة ما تعلقت بالهواء إستمرارا لعطف سائق تكسي مار الى جوارك , وبينما يتوقف بسيارته لا يمهلك فيباغتك بسؤال , - : لوين رايح ؟
- شارع الجامعة .
- كأن هذه الإجابة مثيرة للإمتعاض , فتراه يقلب شفتيه ويتمتم , -لا يا أخي مش على طريقي .
- يتوقف آخر , وبذات السؤال يلتهمك , وقبل أن تنتهي من الإجابة يتأفف ويقول - شو موديني على الأزمة شوفلك سيارة ثانية , فالثالثة والرابعة , الى أن تجد نفسك محشورا بين 3 أو 4 ركاب كلهم على ذات الطريق فتحسب أنك قد ركبت سرفيسا وتمعن النظر في لون التكسي فتتحقق , نعم إنه أصفر , فكأن السائق يشعر بما يدور في رأسك , فيعلق , نحاول أن نساعد الناس في الأزمة فالتعاون مطلوب , الى أن تجد نفسك وقد تكفلت بتسديد ثمن مسافات لم تخطط لأن تقطعها وكلفة طرق لم ترغب بأن تسلكها ..
مع ذلك ومع كل هذه السلوكيات غير الحضارية ومع كل هذه الرغبة في الإستغلال , إستغلال حاجة الناس وحنقهم من الأزمة في طلب ما يتجاوز قراءة العداد وفي التعذر بعدم توفر فكة لأكل بواقي الأجرة , يقاوم أصحاب وسائقي التكسي الأصفر كل ما هو جديد وحديث ومريح وكل ما يشكل منافسة , و:انهم مرتاحون للأزمة , يعملون على حاجة الناس ويعجبهم وقوفهم على الطرق بإنتظار عطفهم .
هذا يجري في عمان , بينما قد ساقت لنا الأخبار أن شركة «كريم» التي تقدم خدمة التكسي تحت الطلب أو لباب البيت كشفت خلال أسبوع جيتكس للتقنية 2016،في دبي عن عزمها إطلاق مركبات كهربائية ذاتية القيادة تماشياً مع مبادرة حكومة دبي الذكية.
بالمناسبة شركات التكسي الذكية مثل كريم وأوبر محظورتان في الأردن والعاملون فيها يتجاوز عددهم ألفي شاب تحت طائلة الملاحقة الأمنية .أرأيتم كيف أن الخدمة الرديئة لا زالت تحقق إنتصارات , وتتباهي بإحتكارها حاجة الناس وكأنهم إعتادوا الفوضى كما يراد لنا أن نعتاد سوء أخلاق الشارع .
الراي