مخاطر تؤثر على موضوعية المدقق الداخلي
سليمان الشوحة
27-10-2016 05:31 PM
إن الموضوعية والكفاءة وبذل العناية المهنية اللازمة هي عوامل مهمة لنجاح عمل أي مدقق داخلي، ولعل أكثر هذه العوامل تأثيراً في مدى فعالية التدقيق الداخلي وتحقيق النتائج المطلوبة منه هي موضوعية المدقق الداخلي، حيث تعتبر الموضوعية صفة أساسية وحجر أساس لمن يرغب بالعمل في مهنة التدقيق الداخلي وهي مكملة لحجر الأساس الثاني الذي يؤثر في فعالية التدقيق الداخلي وهو استقلالية نشاط التدقيق الداخلي. إلا أن هناك بعض المخاطر تؤثر على موضوعية المدقق الداخلي وتتطلب من رئيس التدقيق الداخلي تقييم هذه المخاطر ووضع الوسائل المناسبة للحد منها والتعامل معها في حال حدوثها.
ما هي المخاطر التي قد تحد من موضوعية المدقق الداخلي؟
هناك مخاطر تؤثر على موضوعية المدقق الداخلي ولها أثر كبير على طريقة تفكير المدقق الداخلي فقد تؤدي إلى التحيز في اختيار العينات أو قد تؤثر على الأحكام وتفسير النتائج التي يصل لها المدقق الداخلي خلال عمله. قلة من البحوث والدراسات تناولت جانب المخاطر التي تؤثر على موضوعية المدقق الداخلي إلا أن أحد الدراسات النادرة الصادرة عن مركز البحوث التابع لمعهد المدققين الداخليين العالمي عام 2003 عنوانها “الاستقلالية والموضوعية: اطار عمل- فرص للبحث في مجال التدقيق الداخلي” ناقشت العديد من المخاطر التي تتعرض لها موضوعية المدقق الداخلي والتي تستدعي منا كممارسين لمهنة التدقيق الداخلي أن نتعرف عليها لأهميتها ولكوننا قد نتعرض لهذه المخاطر. والمخاطر التالية هي أهم خمسة مخاطر تؤثر على موضوعية المدقق الداخلي:
shutterstock_204778351
1- المراجعة الذاتية:
تنقسم المخاطر المتعلقة بالمراجعة الذاتية إلى قسمين فالقسم الأول مخاطر ناتجة عن انضمام أحد موظفي المؤسسة للعمل لدى التدقيق الداخلي ثم بعد ذلك ينفذ مهمة تدقيق على الأنشطة التي كان يزاولها سابقاً في المؤسسة. والقسم الثاني، مخاطر ناتجه عن تكرار التدقيق على نفس النشاط من قبل نفس المدقق الداخلي خلال فترة سابقة قصيرة المدى فعلى سبيل المثال خلال سنة تم التدقيق على أعمال إدارة الموارد البشرية مرتين من قبل نفس المدقق الداخلي، كما أن هنالك مخاطر أخرى قد تؤثر على الموضوعية في الحالات التي يتم فيها تقديم استشارات من قبل مدقق داخلي في مجال معين ومن ثم التدقيق على نفس مجال الاستشارات من قبل نفس المدقق أو الحالات التي يتم فيها التدقيق على أعمال استحدثت بناءً على توصيات نفس المدقق الذي أوصى باستحداثها.
2- العلاقات والمصالح الشخصية:
تتميز العلاقات الاجتماعية في معظم الدول العربية بالصفة القبلية والعشائرية لذلك قد يفضل المدقق الداخلي مصلحة الأقارب أو الأصدقاء وزملاء العمل على مصلحة العمل نفسه وبالتالي قد يغض النظر عن بعض نتائج التدقيق التي قد توقعه في مواقف محرجه معهم، وبالتالي هناك مخاطر ناتجة عن رغبة المدقق الداخلي في المحافظة على العلاقات الشخصية وعدم التأثير عليها. وفي بعض الحالات قد تكون لدى المدقق الداخلي مصالح شخصية تتعلق بالجانب الذي يدقق عليه كأن يكون لدية شركة تتعامل مع المؤسسة التي يعمل بها وينفذ مهمة تدقيق يتضمن نطاق المهمة مراجعة بعض البيانات ذات العلاقة بشركته. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن معايير التدقيق الداخلي قد نصت صراحة على مراعاة هذا الجانب وتجب تضارب المصالح فالمعيار رقم 1120 نص على أنه ” يجب أن يتصف المدققين الداخليين بالحياد وعدم الانحياز، وأن يتجنبوا كل ما من شأنه أن يجعلهم في وضعية تضارب المصالح.”
3- الضغوط الاجتماعية:
إن المخاطر الناتجة عن الضغوط الاجتماعية تلعب دور في توجيه تفكير المدقق الداخلي بحيث يكون تفكيره موجه بنفس الطريقة التي تفكر بها الجهة التي يتم التدقيق عليها وهو ما يعرف بالتفكير الجماعي حيث يلعب الضغط الاجتماعي من قبل إدارة الجهة المدقق عليها وموظفيها عامل رئيسي لمنع المدقق من ممارسة الشك المهني أو التفكير النقدي. ولعل تعريف الموضوعية واضح جداً بهذا الخصوص فالموضوعية حسب المعايير الدولية للممارسة المهنية للتدقيق الداخلي هي “حالة ذهنية غير متحيزة تسمح للمدققين الداخليين لأداء المهام على نحو يجعلهم مقتنعين بنتائج أعمالهم وعدم التأثير على جودتها. وتتطلب الموضوعية أن لا يعتمد المدققين الداخليين في أحكامهم على أحكام الآخرين.”
“الموضوعية هي حالة ذهنية غير متحيزة تسمح للمدققين الداخليين لأداء المهام على نحو يجعلهم مقتنعين بنتائج أعمالهم وعدم التأثير على جودتها.”
4- الثقة والأُلفة:
إن مخاطر الثقة أو الأُلفة قد تؤثر على موضوعية المدقق الداخلي من خلال إصدار الأحكام الاستباقية من قبل المدقق الداخلي قبل الوصول إلى نتائج الفحص المطلوب، كما أن وجود علاقة ثقة مع الجهة التي يتم التدقيق عليها وعلم المدقق الداخلي ووعيه الكامل عن كافة المواضيع المتعلقة بموضوع التدقيق يجعله معرض لمخاطر التعاطف المفرط مع الجهة المدقق عليها وقد يؤدي إلى قيامه بإصدار أحكام مسبقة نتيجة لهذه العلاقة ولعل المعلومات التاريخية المتوفرة لدى المدقق الداخلي سابقاً لها دور كبير في بناء هذه الأحكام دون الاعتماد على نتائج الفحص المطلوب أو قد يتم اختيار عينات غير ممثله أو قد لا يتم النظر إلى أي تغييرات حدثت أو أحداث تستعدي التركيز عليها خلال مهام التدقيق.
5- المنافع الوظيفية:
إن المخاطر المتعلقة بالمنافع الوظيفية قد تؤثر بشكل كبير على موضوعية المدقق الداخلي ويمكن أن تحدث نتيجة لتعرض المدقق الداخلي لضغوط لدى قيامه بالتدقيق على أعمال الجهات ذات الصلاحيات في المؤسسة حيث يلعب الخوف من اتخاذ قرارات قد تؤثر على استمرارية عمل المدقق في المؤسسة أو تطوره الوظيفي أو التأثير على راتبه العامل الرئيسي في التأثير على نطاق التدقيق وتفسير نتائج التدقيق التي توصل لها المدقق ومدى تقيده بتنفيذ إجراءات التدقيق المطلوبة والالتزام باختيار العينات الممثلة.
التعامل مع المخاطر التي تؤثر على الموضوعية
إن معايير التدقيق الداخلي حددت الحد الأدنى للتعامل مع الحالات التي تتأثر فيها موضوعية المدقق الداخلي حيث أشار المعيار رقم 1130 المتعلق بالتأثير على الاستقلالية أو الموضوعية إلى أنه يجب الإفصاح عن تفاصيل التأثير إلى الأطراف المعنية على أن يراعى في طبيعة وطريقة الإفصاح درجة التأثير على الاستقلالية والموضوعية. من جانب آخر يمكن التعامل مع المخاطر التي تؤثر على الموضوعية من خلال الطرق المقترحة التالية:
وضع إجراءات للإفصاح والتعامل مع أي حالات يتم فيها التأثير على موضوعية المدققين الداخليين.
نشر ميثاق أخلاقيات التدقيق الداخلي والتأكيد على أهمية موضوعية المدققين الداخليين.
إتباع أسلوب التناوب بين المدققين عند تنفيذ مهام التدقيق المتكررة.
مناقشة المخاطر التي قد تؤثر على موضوعية المدققين الداخليين خلال مرحلة التخطيط لمهمة التدقيق.
اعتماد طرق تحديد واختيار العينات بحيث يتم مراجعة العينات التي تم اختيارها من قبل مدراء التدقيق.
وجود مستويات إشرافيه خلال تنفيذ مهام التدقيق والاعتماد على فريق عمل أكثر من الاعتماد على العمل الفردي.
التدريب المستمر والتوعية في مجال موضوعية المدققين الداخليين.
تطوير سياسة قبول الهدايا وتحديد معايير لقبولها
في النهاية، إن المخاطر التي تؤثر على موضوعية المدققين الداخليين ذات تأثير كبير على فعالية ونتائج التدقيق الداخلي لذلك لابد من أن يتم التعامل مع هذه المخاطر بجدية ولا بد لرئيس التدقيق الداخلي أن يعلب الدور الأكبر في التقييم الدوري لهذه المخاطر ووضع طرق للإبلاغ والتعامل معها حال حدوثها.
مراجع:
Independence and Objectivity: A Framework For Research opportunities in Internal Auditing https://na.theiia.org/iiarf/Public%20Documents/Chapter%207%20Independence%20and%20Objectivity%20A%20Framework
%20for%20Research%20Opportunities%20in%20Internal%20Auditing.pdf
سليمان الشوحة / مدقق داخلي يعمل في منظمه دولية