في الذكرى الرابعة لرحيل الشاعر حبيب الزيودي " 1963 -2012 "، الشعراء كالاوطان لا يموتون، أو أنهم يتظاهرون فقط بالموت، لربما هم يغيبون كما الانبياء في اغتراب صحوة رؤاهم و افكارهم واحلامهم.
يحيى الاردنيون هذه الايام ذكرى رحيل حبيب الزيودي، وفي كل ذكرى ثمة ما هو جديد يمكن قوله عن ايقونة "الرومانسية الوطنية الاردنية".
نحتفل في تلك الايقونة، فاذا بها تحمل أكثر من أي وقت مضى ضرورة لفتح ما طرحته من اشكالات كبرى عن الوطن والهوية والصحوة و التغيير و الاصلاح والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحرية.
صاحب "ظبي حوارن" و"ناي الراعي"، استعاد في شعره رسم صورة جديدة للوطن ، من الخيال الشعبي والتراثي ، استعاد رسم حزن وفرح الاردنيين، استعاد من بوابة الشعر والثقافة بناء هوية تاريخية للشخصية الاردنية..
استعاد رسم الجغرافيا مكسورة ومشرذمة بالتفتت الهوياتي، واستعاد تشغيل ذاكرة مفعمة بالحب و قيم الجمال و الانسانية.
لربما أن حبيب الزيودي قد خسر جولات من معاركه ضد انصاف المثقفين ومشوهي الثقافة الاردنية، وأزلام السلطة من مبتذالي الحال والمقام، وذلك ليس عيبا على الشاعر ، فالخسارة منحته في أيام عمره قلبا موجوعا مفعما ومليئا بمزيد من لعنات الابداع القويم.
ابداعيات حبيب الزيودي ستبقى علامات فارقة في الثقافة الاردنية، والاهم قدرتنا الحية على طرح اسئلة فاضحة في مواجهة ماكينة تدور رحاها لاستعباد الاردني ومحو هويته و شخصيته الوطنية ، ماكينة انتجت ما انتجت في المجال السياسي والثقافي والاعلامي من تشوهات وخزعبلات وفرقعات وظلالية مازالت كبوتها جأثمة على مزاج الاردنيين.
قدم حبيب الزيودي في نثره وشعره بعضا من عناصر الاجابة عن اشكاليات كبرى تعصف في العقل الاردني، عناصر لاجابات مازال التحوط بها سبيلا لحماية "الذات والهوية"، في دوامة سلسلة الانهيارات الكبرى التي طالت كل روح الوطن، وكانت ختامها، ويبدو أنه ليس آخرها اغتيال ناهض حتر.