هل يصلح "الغاز الإسرائيلي" ما أفسدته "سوريا" في الساحة الأردنية؟
26-10-2016 08:51 AM
عمون – لقمان إسكندر
"لن يصلح عطار "الغاز الإسرائيلي" ما أفسده دهر "سوريا"، في الساحة الأردنية، حتى وإن حاولت "اللجنة التنفيذية العليا لحماية الوطن ومجابهة التطبيع"، تجميع ما لا يُجمّع، ولملمة شتات شظايا وصلت في ملفاتها الإقليمية حد الدم.
في المشهد إسلاميون يرون "في دمشق، جزارا ارتدى ممانعةً، ثوبها روسيا، وطاقيتها ملالي طهران"، وفي المشهد أيضا يساريون يمقتون ما يرون انه تحالف الاسلاميين مع "الرجعية العربية والامبريالية العالمية، والمؤامرة الكونية".
عندما أعلنت اللجنة عن نيتها جمع (الكل) في ساحة الحسيني الجمعة المقبل، لسود عيون فلسطين، وذلك بعد سنوات من "فٓرْطِ" الفعاليات الوطنية إلى مجموعات من "الفكة" كل تيار يأخذ حصته منها في ركن ما من اركان العاصمة، ثم يمضي الجميع الى حال سبيلهم، أدركنا أن هذه الفعالية ستكون سابقة لم تقع منذ خمس سنوات يوم طلّقت المعارضة بعضها البعض.
هنا، حملت "عمون" سؤالا للطرفين يقول: هل يصلح "الغاز الإسرائيلي" ما أفسدته "سوريا" في الساحة الأردنية؟
سؤال طرحناه على أمين عام حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الاردني الدكتور سعيد ذياب الذي لم يتردد بالإجابة: بـ "لا"، لا وفقط. فيما بادر القيادي في الحركة الاسلامية المهندس بادي رفايعة إلى إجابة تشبه الـ "لٓعٓم"، في سياق دبلوماسي، قال فيه: "الملفات ساخنة جدا، وليس سهلا معالجة الخلافات".
في الحقيقة، إن التعبير الاشد دقة لوصف العلاقة البينية بين الإسلاميين من جهة واليسار من جهة أخرى، هي في كلمتي: "لقد تمزقت".
عندما كنا نتحدث مع د. ذياب لم يكن متأكدا فيما إذا كان الإسلاميون سيشاركون في فعالية الحسيني، وهذا ينطبق على المهندس رفايعة.
هذا يعني انقطاع الاتصالات بينهما. تلك الاتصالات التي لم يكن هاتفها يهدأ في فترة ما قبل الربيع العربي، التي جمعت الطرفين على موائد سياسية عديدة منها اللجنة التنفيذية العليا لحماية الوطن ومجابهة التطبيع التي تأسست بشراكة بين كل الاطراف السياسية المعارضة إضافة لشخصيات وطنية، ومنها أيضا لجنة التنسيق العليا لاحزاب المعارضة، وكان اطرافها أيضا ثلاثة اعمدة: الاسلاميون واليسار والقوميون، وجميعهم استمروا في مجاملة بعضهم البعض، حتى انفجرت الأحداث أكثر، فانفجروا في وجوه بعضهم، وانكشف القناع، بعد احتدام صراع الدم في سوريا، وفي اليمن كذلك والعراق أيضا، وحيث اقصى الغرب "ليبيا"، إضافة الى الصراعات السياسية في أكثر من كيان سياسي عربي.
يقول رفايعة هناك حالة من عدم الثقة موجودة وهي المسيطرة بين الطرفين. أما د. ذياب فقال: لن تستطيع مجرد مسيرة تجميعنا.
صحيح أن القيادي الاسلامي أعرب عن أمله في أن تجمع القضايا الوطنية في الشأن الأردني الطرفين، لكنه لم يكن - في الحقيقة - جادا في ذلك، فهو يدرك كما يدرك د. ذياب، ان العلاقة تمزقت، حتى لم يعد ثوبها يصلح لتغطية عورات العلاقة.
لهذا راح رفايعة يقول: "ليس سهلا العودة للحالة السابقة .. مجرد تمنيات.. فالخلاف عميق، والهياكل والأعمدة الجامعة أضعف من ان تحتمل أوزان الخلاف".
على أية حال، هذا ليس جديدا بين الطرفين، فقد شهدت الخمسينيات حالة مشابهة وإن كانت حينها اقل فوضى.
أما أمين عام حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الاردني، وعندما طالبناه بشرح إجابته المقتضبة بـ "لا"، قال: "لا حاجة للشرح، فالأمر بات معروفا".
وكأن الثابت في العلاقة التوتر، أما الطارئ فالتقارب، وهذا معقول، نظرا لتصارع الأيديولوجيات.
هي خلافات عميقة، اصطف فيها الجانبان بجانب طرف من الاطراف المتنازعة في الإقليم، فاليسار والقوميون امتطوا ظهر "ممانعة" نظام بشار الأسد وإيران وروسيا. أما الإسلاميون فركبوا ظهر المعارضة المسلحة في سوريا.
وكما أن المشهد لن يكون مفهوما تماما عندما يصفق القوميون واليسار إلى الروس "حلفاء إسرائيل"، لحماية عربيتهم وممانعتهم، لن يكون كذلك الأمر مفهوما عندما يحاول الإسلاميون حشر أنفسهم في دائرة من وضعوهم على قائمة الإرهاب العالمي.
هو منطق الفوضى الذي اجتاحت المنطقة ولم يسلم منها أحد.. ربما إنه زمن دونالد ترامب حقا.