واضح أن الملك عبدالله الثاني قرر أن يقود بنفسه ثورة بيضاء لكن ناعمة , لهيكلة مؤسسات الدولة مدنية وعسكرية والهدف بالتأكيد تناغمها مع التأطير الذي حملته الورقة النقاشية السادسة لمبادىء الدولة المدنية.
نعم لا نحتاج فقط إلا الى ثورة بيضاء تعيد تاهيل الجهاز الحكومي، و تجتاح كل شيء مؤسسات وأفرادا ومجتمعا لمواجهة هذا المد الغوغائي الطائفي والمذهبي وهذا التطرف الأعمى الديني والمجتمعي والفكري وحتى الإقتصادي تماما مثل تلك التي بدأت قبل 16 عاما وتحديدا في عام 2000عندما تحول الاردن الى خلية نحل في كل الاتجاهات , قبل أن تنتكس مع الازمة المالية العالمية والربيع العربي.
ثورة الملك البيضاء بدأت في كتاب التكليف السامي للحكومة , ومن ذلك إصلاح القطاع العام وتمكين القيادات الإدارية ذات الكفاءة لقيادة التغيير المنشود وإعادة الدور الحقيقي للحكومة والوزراء والمسؤولين بأنهم مجنّدون لخدمة الناس بلا تقاعس أو تردد.
ساد إعتقاد بأن هذه الخطوة خصت السلطة التنفيذية شأن كتب التكليف السابقة على مر الحكومات , لكنها سرعان ما كشفت عن منهج معد إذ إمتدت وبذات الوتيرة الى السلطة القضائية بتشكيل لجنة لإصلاح الجهاز القضائي وتعزيز سيادة القانون.
الثورة البيضاء الناعمة إمتدت الى أهم الأجهزة وأكثرها بعدا عن تناول الرأي العام , فقد توقف الرأي العام كثيرا عند مضامين الرسالة الملكية الى القيادة الجديدة للقوات المسلحة , وقد كان لافتا أن تركز على إعادة هيكلة القوات المسلحة وهو أمر لا يبحث عادة بوسائل الإعلام أو في رسائل علنية لكنها كانت رسالة واضحة بأن المراجعة والهيكلة في المهمات وفي الإدارة لن تستثني أيا من مؤسسات الدولة , تبعها في ذلك التوجيه الملكي ذاته لمدير الأمن العام
لم يكتف الملك بالتوجيه الذي يرقى الى درجة الأمر الحاسم بل منح هذه المؤسسات فترة محددة من الوقت على أن تعود اليه ببرامج وتوصيات واضحة قابلة للتنفيذ , حال إنجازها يفترض أن تقود الى تغييرات واسعة , هي أشبه بمراجعة يعقبها تصويب لإختلالات برزت هنا وهناك سواء تلك التي أنجبتها فترة الربيع العربي أو تلك التي فرضتها الوقائع في على الأرض في ضوء ما يجري من تطورات في المحيط.
معروف أن إعادة الهيكلة هي عملية تغيير مدروسة تقوم بها كل المكونات التنظيمية للسلطات في الدولة وما بقي أن يقوم مجلس النواب بذات المهمة حال فروغه من إنتخاب رئيس جديد ومكتب دائم ولجان , لتكتمل خارطة هيكلة المؤسسات وأدوارها المستقلة لخدمة مبادئ الدولة المدنية التي حددت أطرها الورقة النقاشية السادسة.
هل سيقود ذلك الى أردن بوجه مدني أكثر عمقا ,سننتظر لنرى لكن المسؤولية تقع على كل المؤسسات المذكورة أنفا والكرة في ملعبها ؟.
الراي