يطغى على النمط الاعلامي السائد كثرة المحاضرات وورش العمل والمؤتمرات ، وكأن المطلوب الانتقال من العمل الى التنظير ، وجل ما يقال يذهب الى الانجازات والبطولات ، بعيدا عن الواقع المرير للعديد من المؤسسات ، التي يعول عليها كشف الحقائق في القضايا الجوهرية وذات الاهتمام الشعبي.
ملفات معلقة ، ومخالفات بالجملة ، وحديث المعنيين يتجه نحو الاستراتيجيات والاهداف والرؤى باسلوب منمق للمضمون والاخراج والالوان ، لكن في الواقع يداري المسؤول نفسه خوفا من الخطأ والمحاسبة اللاحقة ، وعدم الجراءة في فتح الملفات والتصدي للمخالفات ، طمعا للبقاء في المنصب ، والرضى الدائم بدل التزامه بتنفيذ الأوامر ومواراة الاخطاء.
يجوز للبعض ان تكون مهمته بناء الخطط وفن الكلام والتحليل ، لكان ان يتحول العاملون في مؤسسات وظيفتها الرقابة والمحاسبة ومحاربة الفساد الى القاء المحاضرات ، والتركيز على النشر الاعلامي ، بدلا من التحري والنبش في الملفات ، وجولات الرقابة ، والتدقيق في الدفاتر ، لرصد التجاوزات ، فهذا بعيد عن صميم الهدف من انشاء هذه الهيئات والمؤسسات.
احيانا كثيرة يتفرغ كادر مؤسسة بالكامل لاعداد محاضرة أو ورقة عمل ، ويستدعى الموظفون والاصحاب والاقرباء لملء المقاعد في المحاضرات والندوات ، وخاصة في الجامعات ، حيث يفرغ الطلبة من محاضراتهم لالزامهم بالاستماع الى شخصية تحاضر عن انجازاتها ، فيقلب الاوراق القديمة مستعرضا الماضي المشرف ، دون ذكر لاي قصور ، وعارضا للمستقبل الزاهر أذا بقي في مكانه.
جميل ان نناقش ونحاور ، لكن ان نقلب الحقائق ، ونحول جدول أعمال المؤسسات الى اعداد الاستراتيجيات ، وجولات كوادرها وصميم عملها محصور في المحاضرات فهذا ليس انجازا.
ويخطر على البال هنا ، ما يصل الاعلام من تقارير سنوية بطباعة أكثر من أنيقة عن انجازات المؤسسات ، واكثرها عدد ورش العمل والتدريب والمحاضرات والمؤتمرات التي شاركت فيها، اضافة لصور المسؤولين.
الراي