(بعد مقالين مشحونين بالموت ... أريد أن أقلب الموجة..لأستريح معكم قليلا).. كما أعتذر لمن أبكيتهم وأخص بالذكر أبا عزيز..
ذات مرة.. في أحد مدرجات الجامعة ..في إحدى ندوات النقد الدرامي تحدثنا عن الكوميديا في الفن الأردني.. كان البعض يهاجم.. والبعض الآخر يفخر ويدافع.. والبعض ينظّر.. أحد أكبر وأهم نجوم الكوميديا الأردنية قدم مداخلة ارتجالية هامة لم يخبر فيها عن شيء سوى أنه (أمّي) حيث قال:
كما تعلمون فإن الكوميديا أنواع... فهناك مثلا.. (الكوميديا الكلامية). وهناك (الكوميديا الحركية) .. وهناك (الكوميديا الإلهية) التي يتخصص فيها المسرح الإيطالي وهي نادرة عندنا.. لأننا في الأردن أكثر شيء تخصصنا في (كوميديا الموقف)..الخ
واستمر الرجل في التنظير... بينما كنت سارحا مع صديقي الذي كان يجلس بجانبي(خميس بن جمعة طبعا) في محاولة فهم يائسة لنوع ( الكوميديا الإلهية) بحثنا في كل ما رأته أعيننا من أعمال قديمة وحديثة، مشهورة ومغمورة ، مسرحية وتلفزيونية، نقطة نظام..( لا يوجد سينمائية في الأردن) فلم نجد شيئا نصنفه تحتها، أو ربما وجدنا.. ولكن لجهلنا في ( أسس ومبادئ الكوميديا الإلهية في المسرح الأردني) لم نستطع وضع ما وجدناه تحت ذلك البند الذي نجهله تماما.
انقطعت (سرحتنا ) حين انتبهنا للكوميديان والمنظر ذاته الذي اكتشفنا أنه ما زال ينظر حين قال:
وكما تعلمون إخواني فإن (الكوميديا الفرنسية) التي أسسها (بودلير) أو (موليير) كما يسميه البعض.. والبعض يسميه (رامبو) فإنها لا تضحّك كثيرا .. أما الكوميديا الإلهية التي أسسها المخرج الكبير (دانتي) فهي أكثر إضحاكا لأنها تعتمد على (خلط الجد بالهزل) يعني (مونودراما) والبعض يسميها (مليودراما) وكما أن البعض أطلق على الكوميديا الإلهية اسم (تراجوكوميديا) لذلك تأثر بها الروسي (بريخت) والألماني (تشيكوف) والبلغاري (ستانسلافسكي) والفنان التونسي الكبير ( سعد الله ونوس)
وظل الرجل (يخربط) ويخلط الجنسيات والأسماء والمدارس حتى تجرأ مدير الندوة وقاطعه بذريعة الحفاظ على الوقت..
(الحاصل) جائني الدور...
وقد كنت (فارطا) من الضحك على (الكوميديا الأردنية بامتياز) التي قدمها الفنان الكبير بسبب حبي الشديد ( للسلطة) مما دعاني لأن أتنازل عن دوري في الحديث لصاحبي (خميس بن جمعة ) الذي اعتلى المنبر..
صفن خميس طويلا.. نظر في وجوه الجالسين على الطاولة الطويلة على المسرح.. تفرّس في الوجوه .. مما دعا الجميع للصمت الرهيب انتظارا لما ستسفر عنه (صفنة خميس)
حاول أن يتكلم.. ف (فقع ضحكة).. فقع الحاضرون معه ضحكة كبيرة
فجأة سكت خميس.. فأسكت الجميع..
قال خميس: في الحقيقة .. بعد أن قلّبت الأمر مع صاحبي
لم أجد لدينا في الأردن سوى نوع واحد من الكوميديا
هو: ( الكوميديا العاهاتية)
وهو نوع بسيط وسهل .. ولا يحتاج إلى أكثر من (لوق الفم) يعني كل من يستطيع أن (يلوق ثمه) بصير (نجم كوميديا أردني)... بامتياز
ويبدو لي أن (لوق الثم) كأساس وحيد ل (الكوميديا العاهاتية) حسب تنظير خميس لأسسها.. قد أصبح عدوى .. فانتقل منذ ذلك اليوم ومن ذلك المدرج إلى مسؤولين وكتّاب وإعلاميين ومستشارين كثر.. لكنه أصبح يؤدي دورا (كوميديا أردنيا عاهاتيا مبكيا بامتياز) على اعتبار أن ( خير البلية ما يبكي ... وشرها ما يضحك)
Amann272@hotmail.com