قرية صويلح الى 39000 ألف قدم (9)
كابتن اسامة شقمان
25-10-2016 10:05 AM
قال تعالى (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني اعلم ما لا تعلمون) , عرفت المجتمعات البشرية الفساد في كل الأزمنة , ويمكننا القول انها غدت ظاهرة عالمية مستمرة , ولا يختلف اثنان على أن المجتمعات كافة في الشرق و الغرب تحتوي على قدر معين من الفساد , ففي ظل تسارع الإنسان نحو النزعة المادية و تفشي الرغبة الجامحة في الحصول عليها بكافة السبل , انتشرت الكثير من الظواهر التي تتناقض مع مبادئنا وبرزت ظاهرة الفساد بأنواعها , الأخلاقي و المالي و الإداري و التعليمي و الثقافي حتى وصلنا الى الديني والعقائدي.
والفساد فى معاجم اللغة هو - فسد - ضد صلح فيقال فسد الشيء أى بطل واضمحل , هذا وللفساد معان عدة تختلف بحسب مواضعه و موقعه فى العبارات المستخدم بها , مثل الجدب أو القحط كما فى قوله تعالى (ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون) , وان كان الامر لايحتاج إلى بحث مطول في التعاريف وتنقيب في المعاجم والموسوعات , فالفساد هو المعادل الموضوعي للظلم , وهو الطغيان و التجبر كما فى قوله تعالى ( للذين لا يريدون علواً فى الأرض ولا فساداً ) , فالظلم وضع الشيء في غير موضعه, وصرف الحق لمن لا يستحق ومنعه من مستحقه.
ومع استشراء الفساد بانواعه وبمرور السنوات على انتشاره في المجتمعات اكتسبت هذه الظاهرة كثيرا من مظاهر الشرعية واعتاد الناس عليها الى ان تطور الامر في اتجاه غريب و عجيب رايناه في كل مناحي الحياة والذين ( عاثوا في الأرض فسادًا ) يكافؤون ويسرحون ويمرحون مع عبارات التبجيل والتقدير , وتنحني الرؤوس لهم احتراما.
الحديث عن الفساد اصبح ضمن اهتمام وشان الجميع، وتسمع في الكثير من الجلسات الإجتماعية والعائلية آراء مختلفة حوله، وبدأ الشخص العادي يدرك قبل غيره في ظل العيش في محيط ثورة المعلومات ان أكثر الشعارات التى تتردد في داخل الوطن هو شعار المطالبة بمحاسبة الفاسدين الذين نهبوا البلد وسرقوا مقدرات شعبه.
لانه اصبح اكثر من ذي قبل الآلة الأكثر فتكاً في المجتمع حيث باتا نلاحظ انتشار الفساد الأخلاقي والفساد المالي والإداري وصولاً إلى الفساد التعليمي والثقافي والديني والعقائدي, والفساد الحكومي الذي يشكل أحد أخطر أنواع الفساد حيث أن تأثير فساد السياسات والقرارات الحكومية الطائشة تحدث تأثيراً في كافة أطياف المجتمع فيغدو الغضب العنوان الأبرز للمواطن وتغدو الفرصة سانحة لتفشي أنواع الفساد الأخرى.