المدرسة ودورها في توعية الطلبة بنبذ التطرف
د. عثمان الطاهات
23-10-2016 11:49 AM
تشهد مجتمعاتنا في هذا العصر عصر العولمة، شأنها شأن بقية مجتمعات العالم تغيرات سريعة في المجالات التربوية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتقنية، وهذه التغيرات انعكست بآثارها على الشباب، مما جعل بعضهم يقع في شباك الأفكار المتطرفة.
إن الشباب يعيشون في عصر العولمة عصر الحضارة الحديثة، ويتمتع بوسائلها البراقة، إلا أن تلك الحضارة نفسها تعترف بكثير من المظاهر السلبية التي تحول الإنسان إلى آلة، يشعر معها بالاغتراب وفقدان المعايير والضياع.
إن تحصين التعليم وحفظ أبنائنا من الانضمام للجماعات المتطرفة واجب ديني ووطني يجب ان لا نتخلى عنه. لذا كان من الأهمية توعية أبنائنا من خطر الأفكار والجماعات المتطرفة، و وضع استراتيجيات وخطط لمكافحة الإرهاب الفكري، خاصة داخل مدارسنا، و تحصين الشباب في المؤسسات التعليمية من الأفكار المنحرفة فكرياً وسلوكياً.
والأفكار المتطرفة لها أثر سلبي على مدى الشعور بالانتماء للوطن ،الأمر الذي يحتاج إلى مواجهة هذا التحدي من خلال التوعية الإعلامية والمناهج الدراسية والمعلمين لذا كان من الواجب على المدارس مجابهة هذه الأفكار الضالة من خلال ما يقوم به المعلمون وإدارات المدارس من تعريف وتنمية الأمن الفكري لدى الطلبة .
وانطلاقا من هذا يجب ان تركز وزارة التربية والتعليم من خلال المدارس على التحذير من التطرف الفكري ، والجماعات الإرهابية، وهذا التركيز يحتم على الجميع مؤسسات وأفرادا النهوض بمشروع وطني كبير للتصدي لمظاهر الغلو والتطرف والكراهية في المجتمع التي يحملها البعض جهلًا وربما اختطافًا لثوابت الإسلام وتعاليمه السمحة.
وتتحمل المدرسة إلى جانب الأسرة العبء الأكبر في مواجهة ظاهرة التطرف الفكري الذي استغل تقنيات العصر في تغيير كثير من مفاهيم الناشئة، وسلوكياتهم، وهو ما يتطلب حضورًا نوعيًا في توعية تلك العقول الشابة، ومخاطبتهم بلغة عصرهم، وتنويرهم إلى خطر التشدد والغلو وأيضًا خطر الانفلات والتغريب، وهو ما يعني أن تبذل المدرسة (إدارة، معلمين، مشرفين) دورًا أكبر في تبني حوار معتدل قائم على الثوابت ومحافظًا على وطنية الشاب وانتمائه، ومهذبًا لسلوكه نحو تحمل مسؤولياته الدينية والوطنية.
عمر الشباب في جميع مراحل دراسته في المدرسة من أخطر مراحل دورة الحياة، لاتساع ما يحدث فيها من تحولات، وعمق تأثيره في الذات وعلاقاتها بالآخرين والواقع، فالشباب يمثلون مرحلة حرجة، وذلك لأنها تأتي كجزء من مرحلة المراهقة، التي وصفها البعض بأنها مرحلة الأزمة، ومرحلة تشكيل الهوية، ومرحلة تكوين الشخصية والرجولة والاستقلالية، تلك المرحلة التي يكتسب فيها الشباب عاداتهم واتجاهاتهم ومبادئهم الأخلاقية العامة والعليا، فلابد أن ينمو الشباب في بيئة آمنة ومستقرة، وهم مزودون بالعلم والمعرفة، وبالوعي الاجتماعي، والانتماء الوطني، إلى جانب تفتُح عالمي على عصر العولمة بعيدًا عن الأفكار المتطرفة.
ولقد أصبحت الثورة المعلوماتية والاتصالية تهدد الثقافة المحلية للشعوب نتيجة ما يبث من خلالها من ثقافات مختلفة تحمل في داخلها الكثير من القيم والأفكار المتباينة وإن هذه التغيرات والتطورات السريعة في هذا العصر والتي تعتبر بمثابة تحديات انعكست بدورها على جميع عناصر العملية التربوية و التعليمية من مدخلات وأنشطة ومخرجات، يستوي في ذلك الدول النامية والمتقدمة بحيث أصبحت تربية الفرد في هذا العصر الذي يتميز بسرعة التغيير والعدد الكبير من التحديات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية أمر بالغ الصعوبة إذا تحدث التربية في جو ومناخ مفعم بالصراع بين عوامل متضادة وليست متكاملة وفي مناخ تسوده قيم غير ثابتة سريعة التحول متعددة الاتجاهات.
فالغزو الثقافي والفكري له أثر سلبي على مدى الشعور بالانتماء للوطن ، الأمر الذي يحتاج إلى مواجهة هذا التحدي من خلال التوعية الإعلامية والمناهج الدراسية والمعلمين لذا كان من الواجب على المدارس مجابهة الغزو الثقافي والفكري من خلال ما يقوم به المعلمون وإدارات المدارس من تعريف وتنمية الأمن الفكري لدى الطلبة.
ويتحقق الأمن الفكري عبر تكاتف مؤسسات المجتمع بكل مجالاتها وصورها، من خلال تخطيط واع ومنظم يتناسب مع ضخامة هذا الهدف الذي يعد العمود الفقري لتحقيق كل أشكال الأمن الأخرى، والذي يؤثر بشكل قوي ومباشر في سيادة الدولة واستقلالها وتحقيق التنمية والتطور فيها بشكل يعود بالخير والرخاء والاستقرار على مواطنيها.
tahatothman@yahoo.com