الاحتراق الذاتي للكفاءات الوطنية
عمر كلاب
23-10-2016 12:36 AM
لا يمكن اكتشاف من الاسبق في التأثر والتأثير، بظاهرة استبعاد الكفاءات الاردنية والانحياز لغيرها، هل القطاع الخاص سحب ظلاله على الحكومة ام ان الحكومة عكست توجهاتها على القطاع الخاص، فحيثما دلفت الى مؤسسة من مؤسسات القطاعين العام والخاص وتحديدا المؤسسات الموازية، تجد الحفاوة والحماسة في الترحيب والتهليل لخبراء غير اردنيين ومدراء كبار يوصفون بانهم جهابذة زمانهم وانهم كفاءات استثنائية خارقة، ومع مرور الوقت تكتشف ان الحال لم يتغير وان كفاءاتنا الاردنية هي التي تعمل رغم الفوارق الشاسعة في الرواتب والامتيازات وهناك نماذج لا يمكن حصرها تؤكد ما نقول.
هناك احساس غامض المألات يتسرب الى نفوس الكفاءات الاردنية التي ترى “ الخبراء “ بين قوسين، يتسللون الى المواقع العليا، رغم عدم امتلاكهم لاي اضافة نوعية عن الاردنيين، احساس غامض حد القهر والهجرة او استنزاف الذات بالاعتكاف وعدم المبادرة واحيانا التشفي بالنهايات الضارة على المسيرة الوطنية كلها، وعزز هذه الظاهرة كثيرا تقديم انصاف الكفاءات او المحسوبيات على المبدعين والكفاءات نتيجة اختلال منظومة الادارة الاردنية وانزياحها عن منهجها وتصغير اكتافها امام هجمة الراطنين ومن اصحاب اللغة الركيكة .
تستمع من كفاءات اردنية وخبرات اردنية الكثير من الاقتراحات القادرة على خلق فرصة للخروج من هذا الطوق الناري في الاقتصاد والسياسة وتستمع الى مبادرات حقيقية ناتجة عن فهم دقيق للواقع الاردني وتفصيلاته وجزئياته، ويكتمل المشهد الموجع بأن احدا لم يستمع اليهم وان تحذيرات كثيرة وصلت الى مكاتب المسؤولين ولكن لا اجابة ولا ادنى اهتمام حتى بعد ثبوت الفشل، بل الانكى اننا نستبدل الخبراء بغيرهم ونحمّل انفسنا وخزينتنا فوق ما تحتمل ويستمر مسلسل الهدر والاحباط والاحتراق الذاتي للكفاءة الاردنية حتى بات حديث الهمس بأن الدولة تأكل ابناءها الى حديث معلن وبصوت مرتفع .
في لحظات الضيق ترتدي الدول رداء عراقتها وكرامتها ونحن لدينا الكثير من هذه الطاقات، وتبدأ رحلة المراجعة والمكاشفة مع الذات ومع الآخر، تستنهض مخزونها الفكري الاداري وتبدأ بالتعبئة الوطنية من خلال طاقات اردنية يقتلها التهميش والاحتراق الذاتي ومستعدة للعمل ليل نهار والاحتراق في العمل بدل الاحتراق الذاتي لرفعة الدولة واستعادة ما ضاع منها، فلا يوجد في قاموس الدول والمجتمعات ما يسمى بالمستحيل، فكل لحظة نستطيع ان نبدأ شرط توفر الارادة والادارة والشق الاول هو ما نحتاجه فالشق الثاني موجود بكثافة ونجح في صناعة ذاته رغم كل الاحباطات .
نحتاج فقط الى العودة الى منازل القوة ومراتبها، واول درجات القوة كان التنوع داخل عقل الدولة واداراتها ولا اقصد بالتنوع المفهوم الديمغرافي او المحاصصة بل التنوع الفكري والاداري داخل الجسد الوطني حيث يمتلك كل نهج منهجه للتنفيذ والادراة، فنعود الى المنافسة للوطن لا عليه وعلى مقدراته، فتتعدد السيوف داخل خزانة الدولة ونستثمر بسيوفنا الوطنية كل مقصد واتجاه وكلما ازداد التنوع ازدادت مصادر القوة والمنعة وازدادت منافذ النجاة وتنوعت المحاصيل الوطنية وبالتالي يسهل تسويقها ووصولها الى مقاصد بعيدة ومتنوعة ويسهل جمع النقائض الاقليمية والعالمية بفضل التنوع الحاصل والموجود ولنا سوابق كثيرة في جمع التناقضات واستثمارها لصالح الفرصة الوطنية .
العقل الواحد يحمل بذور عدم النجاح وربما يفضي الى التوحد والدول كائنات حية تشعر وتحزن وتفرح حسب مجسّاتها ووسائل استشعارها بالمحيط الوطني والخارجي وكل الخشية ان يسمك جلد الدولة وتتراجع قدرتها عن استشعار الحال والواقع، فحجم الاحباط والاحتراق الداخلي في ازدياد وحتى اللحظة لا توجد مبادرة تُعيد الامل الى المجتمع والى كفاءاته المحبطة .
الدستور