عمون - نوقش  الجمعة في دارة الندوة بالعاصمة اللبنانية بيروت كتاب " الحرية في فكر المفكر منيف الرزاز " من تأليف الباحثة الأردنية القديرة الدكتورة فدوى نصيرات ونشرته الدار العربية للعلوم .

وافتتح الندوة رئيس مجلس ادارة الدار بشارة مرهج وتحدث فيها وزير الداخلية الأسبق وعضو مجلس الأعيان مازن الساكت ، والرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي معن بشور والعديد من الشخصيات .

وقال الساكت في محاضرته التي ألقاها ضمن الندوة " إن القارئ المتفحص لكتاب الدك لموضوعه الحرية في فكر منيف وكتاباته وجهدًا كبي ًرا وعلميًا أكاديميًا في جمع وتصنيف وشرح قضية الحرية في كتبه ومقالاته وخاصة كتاب الحرية ومشكالتها في الدول المتخلفة، وكتاب معالم الحياة العربية الجديدة، انطلاقا من محاولة مناقشة تعريفاتها وتأصيل مفهومها في الفلسفة والفكر العالمي وأصولها في الإسلام والقرآن،وتعريفاتها ومفاهيمها ودوافعها وتجاربها في الغرب ومفهومها عند العرب في عصر النهضة والاستقلال . وتظهير رأي الرزاز في كل تلك التعريفات والمفاهيم، وتفسيره لارتكاز المفهوم الغربي على الحريات السياسية واالجتماعية في الدول والفكر الرأسمالي، وعلى الحريات االقتصادية في الفكر والدول االشتراكية، وصوًال الى معنى الحرية في العالم الثالث وعند العرب الذي ارتكز الى قضية التحرر من االستعمار المباشر وتطور فيما بعد الى قضايا الحرية االقتصادية واالجتماعية".

وأضاف الساكت " وتضع الدكتورة فدوى عناوين لطروحات الرزاز حول الحرية، فتخصص عنوانًا لما يراه أسباب أزمة الحرية وتلخصها بطبيعة قيادات حركات االستقالل العربي والتي أصبحت قيادات الأنظمة السياسية فيما بعد والتي جاء أغلبها من أصول اقطاعية وبرجوازية، باتت بحكم مصالحها وارتباطاتها قوى وأنظمة مقيدة للحريات، والسبب الثاني هو في التخلف االقتصادي وعجز الطريق الرأسمالي عن عدم التجانس بين مؤسسات الدولة الحديثة والنظم والعالقات
تحقيق التقدم، وثالث االقتصادية ًوالاجتماعية المتخلفة، السائدة في المجتمع العربي".

من جهته قال الدكتور معن بشور " الحشد المتنوع الذي لبى دعوة "دار الندوة" في بيروت، لحضور مناقشة كتاب "الحرية في فكر منيف الرزاز"، للباحثة الدكتورة فدوى نصيرات، جاء تأكيداً على أن الفكر والنضال لا يموتا، فكيف إذا اجتمعا في شخصية بارزة كمنيف الرزاز وبعد 32 عاماً على رحيله القاسي والمؤلم".

وأضاف " الندوة عن فكر الرزاز لم تكن مجرّد تكريم لرجل قسا عليه الزمن، وقسا عليه بعض رفاقه فقط، بل كانت أيضاً دعوة تأسيسية لفكر عربي متجّدد، ولعمل قومي فاعل، يدرك كما قال الرزاز "أن الحرية القومية هي حرية الحريات"، وأن "الاستبداد الاقتصادي والاجتماعي لا يقل خطورة عن الاستبداد السياسي"، وأنه لا بدّ لنا من "دولة حتى يكون لنا فيها حريّة"، وأن الحرية هي أن نتحرّر من "هيمنة رجال السلطة والثروة"، بل من ثروة تبتغي السلطة لتزداد وتنمو وتتراكم، وسلطة تحمي ثروة لصوص وسارقي خيرات بلادهم وشعوبهم.
رحم الله أبا مؤنس... وأنها لدعوة للأجيال الجديدة أن تعيد قراءة كتبه كأحد أبرز رموز الانبعاث الفكري والسياسي في الأمّة".

وشارك العين مازن الساكت أمس الجمعة في ندوة دار الندوة في العاصمة اللبنانية بيروت كمتحدث مع عدد من قادة العمل الحزبي والسياسي .

واستذكر الرزاز في كلمة ألقاها خلال الندوة العاصمة اللبنانية بيروت في السبعينيات من القرن الماضي وما شكلت له من تأثير أساسي في تطور الوعي السياسي والاجتماعي والنضالي بشكل عام، كما استذكر عى وجه الخصوص رفيقه في تلك المرحلة المرحوم مؤنس منيف الرزاز)، اللذي شهد معه أحداث ومنعطفات من أهمها ما يخص ويتعلق بالمفكر منيف الرزاز واعتقاله في بغداد دولة حزبه في ذلك الحين، وهي قضية تتعلق بامتياز بأشكالية الحرية التي نحن بصدد مناقشتها في فكر الرزاز من خلال كتاب الدكتورة فدوى نصيرات.

وفي ما يلي نص الكلمة:

السيدات والسادة
​يسعدني ويشرفني ان أكون هذا المساء في بيروت عاصمة حرية الرأي والصحافة والثقافة، المدينة الجميلة التي عشت فيها ردحًا من الزمن في السبعينيات من القرن الماضي بأحداثه وقواه وصراعاته، وكان لها تأثير أساسي في تطور وعيي السياسي والاجتماعي والنضالي، وبشكل خاص ان أكون في دار الندوة متحدثًا ومشاركًا أساتذتي وقادة العمل الحزبي والسياسي الذي انتميت اليه، معن بشور وبشارة مرهج (وان أتذكر بهذه المناسبة رفيق وصديق الشباب في تلك المرحلة المرحوم مؤنس منيف الرزاز)، اللذين شهدت معهم أحداث ومنعطفات من أهمها ما يخص ويتعلق بالمفكر منيف الرزاز واعتقاله في بغداد دولة حزبه في ذلك الحين، وهي قضية تتعلق بامتياز بأشكالية الحرية التي نحن بصدد مناقشتها في فكر الرزاز من خلال كتاب الدكتورة فدوى نصيرات.

​إن القارئ المتفحص لكتاب الدكتورة فدوى يجد تناولًا شاملًا لموضوعه الحرية في فكر منيف وكتاباته وجهدًا كبيرًا وعلميًا أكاديميًا في جمع وتصنيف وشرح قضية الحرية في كتبه ومقالاته وخاصة كتاب الحرية ومشكلاتها في الدول المتخلفة، وكتاب معالم الحياة العربية الجديدة، انطلاقًا من محاولة مناقشة تعريفاتها وتأصيل مفهومها في الفلسفة والفكر العالمي وأصولها في الاسلام والقرآن، وتعريفاتها ومفاهيمها ودوافعها وتجاربها في الغرب ومفهومها عند العرب في عصر النهضة والاستقلال.

وتظهير رأي الرزاز في كل تلك التعريفات والمفاهيم، وتفسيره لارتكاز المفهوم الغربي على الحريات السياسية والاجتماعية في الدول والفكر الرأسمالي، وعلى الحريات الاقتصادية في الفكر والدول الاشتراكية، وصولًا الى معنى الحرية في العالم الثالث وعند العرب الذي ارتكز الى قضية التحرر من الاستعمار المباشر وتطور فيما بعد الى قضايا الحرية الاقتصادية والاجتماعية.

​ويطرح الكتاب موقف الرزاز من تلك المفاهيم والتعريفات، وتعريفه الخاص الذي يتلخص بان الحرية هي كل ذلك، الحرية السياسية والحرية الاقتصادية والحرية الاجتماعية، وانها مفهوم نضالي متطور تراكمي وحضاري وهي بشموليتها قيمة انسانية، "قيمة نوعية وليست كمية"

فهي عند الرزاز فعل نضالي في تغير مستمر في واقعها وأهدافها وقوانينها وإن كانت اليوم في إطار الدولة الحديثة تتمثل بالقوانين ومبادئ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء والديمقراطية والمشاركة واللامركزية والرأي العام وحرية الإعلام ..
​
وتضع الدكتورة فدوى عناوين لطروحات الرزاز حول الحرية، فتخصص عنوانًا لما يراه أسباب أزمة الحرية وتلخصها بطبيعة قيادات حركات الاستقلال العربي والتي أصبحت قيادات الأنظمة السياسية فيما بعد والتي جاء أغلبها من أصول اقطاعية وبرجوازية، باتت بحكم مصالحها وارتباطاتها قوى وأنظمة مقيدة للحريات، والسبب الثاني هو في التخلف الاقتصادي وعجز الطريق الرأسمالي عن تحقيق التقدم، وثالثًا عدم التجانس بين مؤسسات الدولة الحديثة والنظم والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية المتخلفة، السائدة في المجتمع العربي.

ويقسم الكتاب أنواع الحرية الى:

• حرية سياسية متعلقة بطبيعة الدولة والنظام السياسي. وحرية "التكتل" أي التنظيم السياسي والموقف من التعددية السياسية، وحرية التنظيم النقابي، وحرية التمثيل النيابي، واشكالية وتزوير هذا التمثيل وعدم قدرة الشعب
على افراز ممثليه الحقيقيين.

• والحرية الاقتصادية وتتلخص في

- التحرر من استغلال الإقطاع ورأس المال

- وأن التعليم الذي هو طريق أساسي لحرية الفرد والمجتمع

- والاشتراكية التي هي ملكية الشعب لوسائل الإنتاج والتخلص من الاستغلال

• والحرية الاجتماعية تتمثل في

- مواجهة استبداد الراي العام بعاداته وتقاليده ومؤسساته الطائفية والعشائرية وفرض العادات والتقاليد والقيم الاخلاقية، وضحيتها الاولى المرأة.

- والاستبداد الفكري عن طريق الهيمنة على وسائل الثقافة والتعليم والاعلام والتي يقول عنها الرزاز ان الحرية
الفكرية أساس الحريات جميعًا.

وتضع الدكتورة فدوى عناوين رئيسية لبحث موضوع الحرية في فكر الدكتور منيف الرزاز.

الحرية القومية بالنضال ضد الاستعمار التي يقول عنها انها أهم الحريات. والحرية والمرأة والحرية والغرب والحرية والتاريخ التي يربط فيها التراث والاصالة والحداثة ويحدد موقفه من الجمود الفكري والتخلف كما موقفه من انكار التراث والتاريخ.

وفي فصل ختامي تضع مؤلفة الكتاب ما تعتبره ملخص لموقف الرزاز من قضية الحرية تحت عنوان
❖ الحرية المشكلات والحلول
​
يتناول مشكلات النظام الرأسمالي والاستبداد الاقتصادي ومشكلات الحرية في النظام الاشتراكي في الاستئثار الطبقي ثم الحزبي ومشكلات تجارب التحرر الوطني التقدمية التي رفعت شعارات الجماهير وحولتها لاحقًا الى قوانين ثم صادرتها وسيطرت على تنظيماتها ووجهتها لتأييدها. وهو في هذه الأخيرة يطرح نقدًا لتجارب الاحزاب والأنظمة
القومية التقدمية في وطننا العربي.
​
ويخلص الى ان تحقيق الحريات السياسية وحق تنظيم الاحزاب والتعددية وحرية الرأي والتعبير والصحافة والاعلام وتحقيق التقدم والحرية الاقتصادية التي تحقق للافراد والمجتمع القدرة على التطور وامتلاك الوعي وتغيير طبيعة العلاقات وتمنع الاستغلال. ذلك كله هو الطريق الى التقدم في واقع الحرية وامتلاكها.

​وإذا كان كل ما تقدم هو ملخص لأهم عناوين هذا الكتاب فأنه وكما أسلفنا انجاز هام وجهد كبير يُقدر للدكتورة فدوى نصيرات كباحثة جادة تتصدى لمهمة إعادة احياء لفكر لأحد أهم مفكري الحركة القومية المعاصرة، وطرح لقضية مركزية وتحدٍ رئيسي ألا وهي قضية الحرية التي هي أهم تحديات الواقع الفكري والسياسي والاقتصادي العربي ومشكلاته المعاصرة، والتي نحتاج الى حوار وتقييم نقدي لمفاهيمها وتجاربها.
​
هذا الحوار والتقييم النقدي هو ايضًا ما يحتاجه هذا الكتاب القييم الذي يطرح فكر الدكتور منيف الرزاز بمنهجية الاقتباس والتحليل الوصفي لطروحات الرزاز التي كتب معظمها في زمن ومراحل معينة من حياته وانتاجه الفكري في البدايات من منتصف القرن الماضي، والذي شهد فكره فيما بعد تطورًا كبيرًا وجذريًا في كتاباته اللاحقة وخاصة في ثلاثيته فلسفة الحركة القومية العربية وإن بقيت كتبه ونتاجه الفكري كما كَتَبَه معالم الحياة العربية والحرية ومشكلاتها وكما تؤكد الدكتورة نصيرات تنبض بحياة الواقع وتناقش مشكلاته وتطرح أسئلته وتجيب عليها وتحاول
وضع الحلول لمسيرة النهضة والتقدم.
​
واسمحوا لي هنا أن أضع عدد من التأكيدات والاستخلاصات والإضافات التي أرى انها مفيدة وهامة في هذه المناقشة اليوم.

لقد وضع الدكتور منيف الرزاز الحرية كقاسم مشترك أعظم في كل قضايا وعناوين التحديات والنضال من اجل تحقيق أهداف التحرر والتقدم والعدالة الاجتماعية والوحدة وفي مواجهة التخلف الذي اعتبره الرزاز التحدي الرئيسي الذي بالتغلب عليه نتمكن من تحقيق التقدم في التحديات الأخرى وهي قناعة يصر عليها وسمعتها منه شخصيًا.
​ويخلص الرزاز الى ما جاء في الكتاب موضوع المناقشة بان الحرية تعريف لذاتها "فهي سمو وارتقاء وتقدم وتطور حضاري انساني"، ولا يمكن فهمها إلا في سياق تاريخي.

​والاستخلاص الأخر هو ان الموقف من الخيارات السياسية ديمقراطية ام ليبرالية ام اشتراكية ام اشتراكية اجتماعية ..

وموقع الحرية فيها وسقفها ونسبيتها وملائمتها وقبولنا بها لا تزال غير محسومة ونحتاج الى جهد فكري واسهامات من كل المفكرين والمناضلين والمثقفين العرب. خاصة مع التطورات التاريخية الجذرية في الواقع الدولي والاقليمي والعربي.
​
إن اشكالية الحرية لدى كل التقدميين القوميين واليساريين لا تتعلق بحرية الشعوب من الاستعمار والتبعية باشكالها المختلفة ولا بالتحرر من قيود ذلك الجزء من الموروث الثقافي والديني والعشائري والاقليمي المُعادي للحريات والمُعطل للتقدم للفرد والمرأة والمجتمع وتعدديته وخياراته فقط.

بل هي في الاساس في ايجاد إجابة وبحث عن طريق العدالة الاجتماعية ومنع الاستغلال الاقتصادي وحماية الحريات الفردية والجماعية بنفس الوقت، وهي المعادلة الأهم والأصعب في قضية الحرية وفي أزمة حركة التحرر والتقدم العربي.
​
إن تجارب الأنظمة التقدمية والاشتراكية وتطبيقاتها ألغت معظم تلك الحريات بأسم دكتاتورية الطبقة او الحزب الواحد او الحزب القائد وحولت التعددية الى حالة شكلية لا معنى ولا دور لها.
​
ويحضرني هنا ذهاب الدكتور المرحوم منيف الرزاز وهو بالمناسبة معلمي وأستاذي الأهم، وقد كنت قريبًا منه لفترة من الزمن في سنواته الأخيرة، ذهابه على رأس وفد حزبي الى فيتنام عام 1978 لدراسة تجربة الجبهة الوطنية على اعتبار أنها التجربة النموذج في النضال الوطني. وعند عودته سألته عن انطباعاته فقال... عرّفونا على رئيس الجبهة كراهب بوذي أُعيد تأهيله في مدرسة للتأهيل، وضحك....

إن دعوة دار الندوة لمناقشة هذا الكتاب الهام هي أيضًا في حد ذاتها وعي وشعور بأهمية احياء هذا الفكر وأهمية إعادة الروح للفكر القومي والتقدمي والديمقراطي عمومًا وللفلسفة والتاريخ وقوانين الصراع والتقدم والخروج من حالة الانكفاء والهزيمة والاستلاب الثقافي والسطحية والردة والأصولية المتخلفة التي باتت سمات الحديث والنقاش والكتابة والطروحات بإسم فشل وهزيمة وسقوط طروحات وتجارب الفكر التحرري التقدمي وانتهاء عصر الفلسفة والايدولوجية والفكر وانتصار عصر الاكتفاء بطروحات الأرقام والمعلومة والحدث وموازين القوى.
​
والرزاز في كتبه الأولى مثّل معالم الحياة العربية الجديدة والحرية ومشكلاتها في البلدان المتخلفة ورغم مرور أكثر من نصف قرن على تلك الكتب مفكر سابق لعصره يحتاج منا الى إعادة قراءة وتحليل ويتيح لنا أن ان نأخذ عنه لطرح رؤيا فكرية متناسبة مع العصر، وهي ما بادرت اليه الدكتورة فدوى التي ندين لها بالشكر.
​
ولعل في هذا الاستحضار لهذا الفكر التقدمي العميق ضرورة قومية في هذه المرحلة التي لم تعد فيها قضية الحرية ومشكلاتها في الوطن العربي تقتصر على جوانبها المعروفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل ان انهيار منظومة قوى التحرر وتجاربها وتراجع الفكر القومي التقدمي، وواقع الاستغلال الاقتصادي وفرض قوانين قوى العولمة والاستعمار الحديث وتزايد الهيمنة والتفرد والتهميش في البلدان العربية، والتأمر الغربي والصهيوني والذي حول انتفاضات الشباب العربي الى حالة تدمير ذاتي للدول والمجتماعات واستغل الفكر الأصولي التكفيري المتخلف والظلامي وعمل على تفتيت المجتمعات العربية طائفيًا وجهويًا وعرقيًا واذكى الصراعات والحروب الاهلية وكاد ان يعيدنا الى عصر ما قبل الدولة فيما نشهده في ليبيا وسوريا واليمن والعراق. وهو في أحد نتائجه الغاء للحرية من جذورها واعادتنا الى عصر من عصور العبودية المطلقة.

​كل ذلك يفرض علينا مهمة التصدي لهذه الردة الظلامية ولاعادة بناء الفكر والثقافة والموقف والادوات التي تتمحور وتتلخص بالحرية كقيمة انسانية وقاعدة لكل تقدم سياسي واقتصادي واجتماعي.
​
واسمحوا لي الاخوات والاخوة في ختام هذه المداخلة ونحن نتحدث عن مفكر قومي جمع بين النضال والثقافة الموسوعية والعطاء الفكري وعاش تجارب النضال وعانا من تعسف السلطة التي ناضل ضدها، كما تلك التي كان مسؤولًا فيها. أن استغل هذه المناسبة للاشارة الى قضية فكرية هامة تستحق الدراسة والمناقشة والتجديد.

​لان الدكتور الرزاز هو أيضًا المفكر القومي الذي حاول ان يضع أسس نظرية للفكر القومي المعاصر في كتابه فلسفة الحركة القومية العربية. وهي محاولة تقوم على الدراسة النقدية للفلسفة والفكر العالمي لمفكري الرأسمالية والمفكرين الاشتراكيين ويفصّل في دراسته لهيكل وانجاز وتحديدًا الفكر الماركسي ومنهجية التحليل التاريخي والتحليل المادي التاريخي والمنهج الجدلي في التحليل المادي التاريخي.
​
ويطرح فلسفة تستند الى كل ذلك والى خصوصية التاريخ العربي في نضاله ضد الاستعمار وفي قيمة العربية الاسلامية وتراثه وحضارته وفي واقعه المتخلف السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ويعطي تلك المنهجية بعدًا جديدًا لا تنحصر قوانين التاريخ فيها على واقع التطور الاقتصادي وعلاقات الانتاج وقوانين الصراع فيها رغم اقراره انها القوانين الرئيسية في حركة التاريخ الانساني بل هو يضيف ابعادًا أخرى كمقاومة الاستعمار والاستعمار الحديث واشكال الهيمنة، والتخلف التي تطبع الواقع العربي، ومؤسسات المجتمع التقليدية.

فلسفة يسميها فلسفة الحركة القومية "فلسفة المنطق التاريخي الجدلي الثوري العلمي" وهي فلسفة نسبية لها مخرجات منهجها وقوانينها مخرجات متغيرة متطورة وكما يقول منيف "الحقيقة هي حقيقة التغيير والصيرورة" "وكل معرفة نسبية".
​
انني أود في النهاية أن أتوجه مرة أخرى بالتحية والتقدير والعرفان الى الدكتورة فدوى وبالشكر المقرون بالمحبة الى دار الندوة والقائمين عليها اللذين مكنونا من إعادة قراءة فكر قومي تقدمي عميق. ومن طرح لموضوع يلخص اشكالية الفكر القومي التقدمي آلا وهو "الحرية".