اذكر حين انتخاب بلدياتي سالم الفلاحات انني رحبت بصعوده الى موقع مراقب عام الاخوان المسلمين, ليس لأنه مادبي بلقاوي, وانما لانه حدد مهامه الحزبية بالتأكيد على أن اخوان الاردن هم الاردنيون, واخوان فلسطين هم الفلسطينيون.
وحين كنت اتعامل مع التلفزيون الاردني, استضفت الصديق عبداللطيف عربيات بصفته الحزبية, والعزيز المرحوم حمد الفرحان والمرحوم علي ابو نوار في ندوة وكنا نناقش وقتها قضية الحريات والديمقراطية في الاردن ايام الربيع الاردني.. وقتها اكد لي الاستاذ عربيات انه يؤمن بكل ما تتطلبه الديمقراطية الحديثه: مجلس النواب وما يقره من القوانين, وحكم الدستور. ومنذ ذلك الحين وأنا اتابع السيدين الفلاحات وعربيات باحترام خاص لعملهما الحزبي, واهتمام بتطور تفاعل الاخوان مع الدولة المدنية ومتطلباتها.
ورغم الضعف المطلق بعلاقاتي مع كل الاوساط الحزبية، فانني اعتقد ان انحياز الفلاحات للاعتدال في موقفه التنظيمي، وانحياز عربيات الى صف «الحكماء» في الفوضى التي دبّت في صفوف الاخوان المسلمين. فنحن اليوم نشهد اخوان بني رشيد، واخوان الدكتور غرايبة، واخوان الفلاحات واخوان الذنيبات، وان الصف الخلفي لم يأخذ مواقعه القيادية بخروج اكثر عناصر صف القيادة. مما يدعو الى الانفراد هنا، والانفراط هناك، فالاخوان لم يعودوا واحدا. واغلب الظن ان هناك حالة اميبية تتفاعل الآن تحت الرماد.
لا أريد ان اتفلسف واقول: إن هذا دليل صحة، لانه دليل الحركة، فالحركة ليست دائما بركة. والفوضى التنظيمية ليست المخرج الطبيعي للنظرية وعكسها. ولنتفلسف ونقول: إن بقاء عجائز الاخوان في مصر على رأس حركة الاخوان (احدهم قال: طظ في مصر) جعل منهم مادة استغلال العسكر وبطشهم بداية من «عضوية» عبدالناصر في التنظيم الى اعدام قادتهم، والفتك بهم، واستغلهم السادات ضد الناصريين ثم بدأ يهاجمهم (جماعة الاغتيالات والمطاوي) واستغلهم المجلس العسكري للخلاص من حزب النظام، وانتهى الاستغلال بفتك السيسي بهم بالطريقة ذاتها التي بدأ بها جمال عبدالناصر.
لا يمكن ان يحتمل الاردن اخوان فلسطين (حماس).. كما تحتملهم دمشق او طهران او انقرة، لذلك اعتبرنا كلام الفلاحات كلاماً عاقلاً حين أكد ان اخوان فلسطين واخوان الاردن ليسوا واحدا، واعتبرنا كلام الدكتور عربيات في الدولة المدنية الحديثة كلام من يريد بناء الدولة الاردنية، ودور التيار الديني والعروبي والوطني هو تيار المرحلة التي ابتدأت عام 1989.. بعد هبة نيسان التي سبقت الربيع العربي بربع قرن.. ووجدت في الراحل الحسين انها يمكن ان تكون البداية.
نتمنى دون مخادعة ان يستفيد الاخوان المسلمون من حالة التمزق التي تعصف بقياداتهم، ويعيدون النظر في سياساتهم، ويتوحدون فلا يخفى على احد ان الحركة الاسلامية هي محور الحركة الحزبية في البلد.
الراي