كيفية تجنيد داعش للمقاتلين
د. عثمان الطاهات
20-10-2016 10:11 AM
يختلف توجه تنظيم الدولة الإسلامية" داعش" في عملية التجنيد، عن توجه تنظيم القاعدة، إذ ركز هذا الأخير على استقطاب و تجنيد عناصر إرهابية، سبق لها أن اشتركت في القتال في مناطق الصراع المختلفة، في حين تنظيم الدولة انتهج أسلوبا مغايرا، يستهدف تجنيد شباب ذوي سجلات نظيفة و من أعمار مختلفة ومن الجنسين.
جندت المجموعات الارهابية التابعة لتنظيم الدولة في سوريا منذ بداية عام 2015، أكثر من 20 ألف مقاتلا خدمة لقضيتها، وكان أغلبية هؤلاء المقاتلين قد انضموا إلى صفوف تنظيم الدولة ، لسبب رئيسي في نجاح عمليات التجنيد، هو مهارة أعضائها باستخدام الدعاية ووسائل التواصل الاجتماعي، مما أتاح لها توسيع نطاقها، من نزاع يقتصر على فئة معينة في سوريا والعراق إلى عنصر جذب عالمي. وتحدّد التقارير ما نسبته 80 بالمائة من الّذين انتسبوا إلى تنظيم الدّولة، تم تجنيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
كشفت تقارير عن العديد من البيانات، تفيد أن تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي، لديه 90 ألف صفحة باللغة العربية على موقع التواصل الاجتماعي فايس بوك، و40 ألفا بلغات أخرى، إضافة إلى موقعه بـ7 لغات، وينشط هذا التنظيم و الجماعات الإرهابية الأخرى في مواقع التواصل الاجتماعي لابتزاز الشباب عاطفياً ومادياً لضمهم إليه، واستهداف المسلمات القاصرات، فهناك تقديرات تقول هناك 3400 شابا ينضمون إلى التنظيم شهرياً عن طريق حملات التجنيد الإلكترونية، و كما يستغل مواقع الألعاب القتالية والحروب الإلكترونية لتجنيد الشباب الغربيين من أوروبا وأميركا واليابان.
يبدو للكثيرين إن لم نقل للأغلبية، أنّه هناك تناقضا كبيرا بين وحشية التنظيم، والتحاق الشباب والنساء به، لكن في استخدامه للفضاء الرقمي يظهر تنظيم الدّولة الإسلامية مقاتليه بعناية و اهتمام بالشكل في الحالات الطبيعية، مثلما ظهر التنظيم في استقبال بيعات العشائر في سوريا و العراق، وهو يعطي وصفا مخالفا لوصفه الوحشي في ميادين المعارك.
كما إنّه ما يحصل عليه التنظيم من غنائم حرب يعرضها على شكل مكاسب لمقاتليه، منها المركبات والسيارات الفخمة، وكذلك موضوع الزواج بالمعتقلات والسبايا قسراً، مثلما حدث في العراق مع الايزيديات والمسيحيات، و الّتي أعادت العالم إلى سوق الرق والنخاسة، فالتنظيم يمنح مقاتليه امتيازات أكثر، وهذا يعتبر أحد الأسباب الّتي تغري الشباب للانضمام.كما خلق التنظيم لنفسه صورة رومانسية على الشبكة العنكبوتية لتجنيد الفتيات القاصرات والنساء من خلال عيش قصص حب مع مقاتلي التنظيم ، وكلّ هذا بطريقة مدروسة، وبالاعتماد على مختصين و محلّلين يدرسون الرسائل الموجّهة بطريقة جيدة ومعمّقة.
يأتي تجنيد الأجانب بدرجات كبيرة، كون التنظيم لا يهتم بتجنيدهم للقتال الميداني، بقدر ما يتم تجنيدهم للاستفادة منهم في الخطوط الخلفية و الدعم اللوجيستي، و بخاصة في الإعلام والدعاية كما جاء على لسان اعترافات منشقين عن التنظيم وبعض اعترافات معتقلين.
يستغلّ كذلك تنظيم الدّولة الإسلامية في عمليات التجنيد عن طريق شبكة الانترنيت، مناطق الصراع الطائفي، والفئات الّتي ترى نفسها مضطهدة و مقهورة من طرف طوائف أخرى، إذ يصوّر التنظيم نفسه المخلّص و الموطن الأسلم والأنسب للثأر.