عن الخلافات بين الإخوان وشبيلات
ماهر ابو طير
20-10-2016 01:21 AM
منذ سنين طويلة، ونحن نرقب هذه التراشقات بين المهندس ليث شبيلات، وجماعة الاخوان المسلمين، في الاردن، والطرفان لا يوفران بعضهما بعضا، طوال عمرهما المديد، لاعتبارات كثيرة، قد يكون من بينها التنافس على المظلة السياسية ذات النكهة الاسلامية في الاردن، او على الاقل الاصابة بالبارانويا.
شبيلات، وهو معارض وازن ومحترم، وله مكانته، وليس بحاجة لشهادة احد، يتهم الاخوان المسلمين دوما، وكانت آخر الاتهامات تتعلق بمشاركة الاخوان في الانتخابات، التي تسببت بإطلاق شبيلات لكلمات جارحة بحق الاسلاميين، واصفا اياهم بالحزانى والاقزام وغير ذلك، ثم الاشتباك الاخير، بينه وبين النائب ديما طهبوب، التي وصفها شبيلات بالمتملقة، على خلفية تعليق سياسي لها؛ ما استدعى ردا جارحا ايضا، من طهبوب، لم توفر فيه شبيلات، واصفة اياه بالشخص الذي لا يجيد الا الجعجعة.
هذه التراشقات، مقطع عرضي من تاريخ ممتد، وهي تعبر عن مشكلة اخرى، وبرغم اننا تاريخيا، نتهم الحكومات، بسوء الاداء، وسوء الممارسات، الا اننا حين نتطلع الى المعارضة السياسية في الاردن، نجدها، اكثر دكتاتورية من السلطة، فهي لا تحتمل بعضها البعض، وتصنف بعضها البعض، وتجرح بعضها البعض، والكل يتهم الكل، والكل ايضا، يدعي انه الاكثر طهرا ونقاء، وغيره يبيع ويشتري في سوق النخاسة السياسية، ما يثير التساؤلات، حول الفروقات بين ممارسات السلطة والمعارضة، لو انقلبت الادوار في هذا البلد، او اي بلد، فالكل لديه نفس سلطوي كيدي، ويتمنى لو يحرق الطرف الاخر.
ثم ان هذا المشهد من التراشقات، الذي يؤشر على الضغائن، لا يقف عند حدود ثنائية الاخوان- شبيلات، اذا نراه بين الاحزاب، من جهة، ونراه بين الاحزاب والاخوان، ونراه بين اجنحة الاخوان ذاتها، والامر لا يطرح هنا، في سياق تجريم طرف محدد، لكننا نسأل بصوت عال، ما علاقة الناس عموما، ومنفعتهم من كل هذه البهلوانيات السياسية التي تهدر الوجدان العام في متابعات، لخلافات تعبر عن افلاس سياسي عند كل الاطراف وهو افلاس سياسي، يتساوى او تشتد درجته مقارنة بافلاس الحكومات المتعاقبة، والمفترض ان المعارضة وجدت لتصحح اداء الحكومات، او على الاقل، لا تتورط بذات امراضها، لكنهم جميعا من جذر واحد، وينامون في سلة واحدة؟!.
نحن اذاً وبعيدا عن فكرة تجريم هذا الطرف او ذاك، نقف امام حالة مرضية، فهذا الاستعصاء السياسي يضرب الجميع، والكل استبدل الاصلاح والتغيير، بتراشقات عبر الفيس بوك والتويتر وبواسطة البيانات، دون ان يقدم اي طرف في المعارضة، اي خطة اصلاح، ولا برنامج عمل، واكتفى الجميع، بإطلاق الشتائم المؤدبة في وجه خصومه، والاكتفاء من كل هذه الخبرة والمطالبات، بشعار، او سطر يتم اشهاره عبر الهواء، متساوين في ذلك مع الطرف الاكثر عرضة للنقد والتجريم، اي الحكومات.
وضع الاردن الداخلي، ومخاطر الجوار، تفرض ربما رشدا من نوع آخر، على الجميع، لكن بدلا من ذلك، يقدم كثيرون انفسهم باعتبارهم الطرف الموكل سماويا وارضيا، الذي يقدم شهادات حسن السلوك، لهذا الطرف او ذاك، ويتعامى الكل عن الحقيقة الاهم، ان المعارضة، بشخوصها ومؤسساتها عموما، وبعيدا عن ضغوطات المؤسسات الرسمية عليها، او محاولات تشظيتها، تعد هشة وضعيفة ونرجسية وشخصية، جراء بنيتها الفردية، وهذا وباء اجتاح الجميع، فلا معارضة لدينا، يمكن وصفها بالمعارضة المنتجة.
في الحالة الاردنية حصرا، تتساوى المعارضة والحكومات المتعاقبة، في كون الطرفين، لا يقدمان حلا، ويكتفون بالكلام، ويستبدلون الحلول القابلة للتطبيق، بمشاجرات سياسية، ولا يختلف احد عن آخر، فالكل يسهم في خلاصة واحدة، اي اضاعة الوقت، وتبديد الجهد، والاكتفاء بالتعليم على وجه خصومه، باعتبار ان هذا هو كل المتاح.
ثم لو سأل المعارضون من طراز المهندس ليث شبيلات، او غيره من رموز محترمة، او من جماعات واحزاب، مثل الاخوان، الناس، عن رأيهم في هذه التراشقات التي تجري امامهم، لكانت الاجابة سلبية جدا، فقد مل الناس، من كل هذا الهراء، الذي يتبعه تنظير حكومي من الجهة الاخرى، يؤدي الى ذات النتيجة، اي العدمية، وخرق المركب فوق مافيه من خروق، دون ان يخرج الناس، برزق، او اصلاح، او هدوء بال.
نحن البلد الوحيد الذي ابدع مساواة ما بين الحكومات والمعارضات، فالكل يتسلى بنا في اوقات فراغه، واوقات شغله، والمهمة الوحيدة التي تنفذها المعارضة بنجاح عبر ممارساتها، اثبات ان السلطة ارحم واهون منها بكثير، وهي مهمة حميدة، بنظر الرسميين.
الدستور