هل يتم تفعيل توصيات رفع سيولة سوق عمان المالي ؟
زياد الدباس
19-10-2016 09:49 AM
في البداية لابد من الإشارة الى الحقائق الهامة التالية
الحقيقة الاولى أن نزيف القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة في سوق عمان المالي منذ حوالي ثماني سنوات أدى إلى انخفاض كبير في قيمة التداولات اليومية بحيث أصبح حجم التداولات اليومية يتراوح مابين خمسة الى تسعة ملايين دينار وهذا الحجم لا يشكل نسبة تذكر من القيمة السوقية لأسهم الشركات المدرجة والتي تصل الى حوالي ١٧ مليار دينار كما لا تشكل نسبة تذكر من حجم الودائع في البنوك مع العلم أن ارتفاع سيولة اي سوق يعزز الطلب على منتجاتها بعكس انخفاض سيولته.
وكما هو معلوم فان السيولة هي المحرك الرئيسي للاقتصاد الكلي واكسجين الاسواق المالية وارتفاعها يساهم في إنعاش الحياة في أوصال السوق وحركة تداولاته وبالتالي بادرت حكومات كثيرة الى ضخ سيولة إضافية في شرايين الاقتصاد للتغلب على حالة الركود حين تسيطر على الاسواق المالية وكلما ارتفعت قيمة السيولة ارتفع عمق الاسواق اي قابليته لتنفيذ صفقات كبيرة واثبتت الدراسات وجود علاقة كبيرة وقوية بين سيولة أسواق الأسهم وسيولة المصارف والنمو الاقتصادي .
والأسواق المالية التي تفتقد خاصية العمق يطلق عليها الاسواق الضحلة لانها تعاني من وجود عدد محدود من أوامر البيع والشراء والاستثمار المؤسسي المحلي والأجنبي يأخذ في الاعتبار عند توظيف بعض السيولة اختيار الاسواق التي تتميز بارتفاع معدل دوران الأسهم المدرجة فيها .
٢-التراجع الكبير في سوق عمان المالي ولسنوات طويلة اثر سلباً على نشاط سوق الإصدار الأولي (طرح اسهم شركات جديدة )او زيادة رؤوس أموال شركات قائمة وهذا بالطبع له تأثير سلبي على توظيف أموال المدخرين وعلى تعزيز النشاط الاقتصادي ونمو الناتج الاجمالي المحلي
٣- التراجع الكبير في سيولة سوق عمان المالي وتراجع مؤشرات أدائه أدى الى سيطرة عوامل نفسية سلبية على قرارات المستثمرين وتوقعاتهم وسيطرة حالة من الحذر والقلق والترقب والخوف وبالتالي ارتفاع المخاطر مما أدى الى تحول عدد كبير من المستثمرين الى أدوات عديمة المخاطر وفي مقدمتها الودائع.
٤- الانخفاض الكبير في سيولة السوق أدى الى سيطرة سيولة المضاربين على حركة السوق مما أدى الى ارتفاع مخاطر السوق وتراجع كفاءته نتيجة عدم التفات المضاربين الى القيمة العادلة لأسهم الشركات المدرجة ومؤشرات اداء هذه الشركات كما ان سيطرة سيولة المضاربين أدى الى ابتعاد شريحة كبيرة من المستثمرين عن الاستثمار في السوق خوفا من تعرضهم للخسائر .
والحكومات الاردنية المتعاقبة كان أولها حكومة سمير الرفاعي شكلت العديد من اللجان بهدف التعرف على واقع ومشاكل السوق وتحديد أفضل السبل لرفع سيولته وتطوير العمل فيه ليصبح قادرًا على القيام بدوره كمصدر رئيسي لتمويل رؤوس أموال الشركات وتغطية اقتراضها اضافة الى مراجعة تعليمات البنك المركزي حول شروط تمويل المستثمرين بالأسهم .
واللجان التي تم الاستعانة بها لتحقيق هذه الأهداف ضمت خبراء ومسؤولين من البنك المركزي ، وهيئة الأوراق المالية وبعض الخبراء في الاسواق المالية الا اننا لم نلحظ أية تطورات او توصيات صدرت عن هذه اللجان.
ودولة رئيس الوزراء الحالي طلب مخاطبة البنك المركزي قبل حوالي ثلاثة شهور لبيان الرأي حول مقترح توفير السيولة لسوق عمان المالي من خلال حث البنوك على تخفيف القيود عند منح التسهيلات للاستثمار في الأوراق المالية وتخفيض كلّف التمويل وزيادة نسبة المساهمات المسموح بها للبنوك لاستثماراتها في الأوراق المالية وفي رؤوس أموال الشركات المساهمة ومنح مميزات ضريبية للمتعاملين بالأوراق المالية باختلاف أنواعها ولصناديق الاستثمار المشترك كون القانون الحالي لا يمنح مميزات ضريبية للمستثمرين المؤسساتيين والصناديق الاستثمارية المتعاملين في الأوراق المالية بل انه يمنحها فقط للمستثمرين الأفراد مما يُحد من تنافسية سوق عمان المالي مع الاسواق الاخرى .
إضافة إ لى ادراج بعض اسهم الشركات المملوكة للحكومة في السوق المالي وإعادة هيكلة بورصة عمان وتحويلها الى شركة مملوكة للحكومة كذلك أوعز رئيس الوزراء الى هيئة الأوراق المالية لإجراء ما يلزم لخلق أدوات مالية جديدة مثل الخيارات والمستقبليات ، والمستثمرين في سوق عمان المالي ينتظرون بفارغ الصبر تنفيذ القرارات والتوصيات والاقتراحات التي صدرت عن مجلس الوزراء وللحديث بقية .
"الرأي"