الورقة النقاشية وما بين السطور
المحامي فيصل البطاينة
17-10-2016 05:38 PM
ان الورقية النقاشية الأخيرة جديرة بأن تدرس بالجامعات الأردنية ويكون أول تلاميذها المسؤولين بالصف الأول الجالسين في مواقع المسؤولية خاصة رؤساء السلطات مضافا اليهم البطانة الملكية .
هذه الورقة الثرية عالجت أهم نقاط الخلل في مجتمعنا ابتداء من الواسطة والمحسوبية وانتهاء بسيادة القانون عماد الدولة المدنية ومرورا بتطوير الجهاز القضائي أساس لتعزيز سيادة القانون .
الملك في الورقة النقاشية أشار بوضوح (الى أن الشباب محبط خاصة عندما نعرف أن الواسطة والمحسوبية سلوكيات تفتك بالمسيرة التنموية والنهضية للمجتمعات ولا يمكن أن نجعل من هذه الممارسات وسيلة نحبط بها الشباب المتميز والكفؤ أو نزرع فيه قناعه بأن مستقبله منذ انهائه الدراسة الثانوية وحتى انخراطه بسوق العمل مرتبط بقدرته على توظيف الواسطة والمحسوبية لتحقيق طموحه) .
ولو نظرنا الى واقعنا الأردني لوجدنا وببساطة وسهولة أن طلبات الشباب بديوان الخدمة المدنية مر عليها عقود من السنين بينما نجد زملائهم كانوا بمستوى علمي أقل من مستواهم قد عينوا بالوظائف قبل أن يتسلموا شهاداتهم الجامعية وعلى سبيل المثال تجد طلبات في ديوان الخدمة المدنية منذ الثمانينات بالقرن الماضي لا زال أصحابها بانتظار دورهم وفي الوقت نفسه وصل من زملائهم بالدراسة الى قمم المسؤولية سواء رئاسة الديوان الملكي أو رئاسة حكومة أو حتى مناصب وزارية أو أعيان أو أعضاء هيئة مسنقلة أو أعضاء محكمة دستورية فكيف نطلب من أولئك الذين وصلوا لتلك المراكز المتقدمة نتيجة الواسطة والمحسوبية أن يتنكروا لها مشيرا بهذه المناسبة الى أنه لا يوجد في بلادنا ابن مسؤول عاطل عن العمل .
ويستطرد القائد بالورقة النقاشية حديثه (كما يعتبر موضوع التعيينات في المواقع الحكومية وبخاصة المناصب العليا من أكثر المواضيع التي يتم التطرق اليها عند الحديث عن الواسطة والمحسوبية .
وهنا لا بد من الالتزام بمبدأ الكفاءة والجدارة كمعيار أساسي ووحيد للتعيينات ).
فانني أتساءل هل لاحظنا هذا الالتزام عند رئيس الحكومة حينما اختار طاقمه الوزاري أو حينما بدأ بالتعيينات في الوظائف العليا من خلال لجان ومقابلات صورية أو حتى بدون مقابلات كما حصل بالأمس .
وهل لاحظنا هذا الالتزام عند تعيين أعضاء المحكمة الدستورية أوالهيئة المستقلة وهل لاحظنا هذا الالتزام عند من نسبوا وتوسطوا بتعيينات أعضاء مجلس الأعيان مؤخرا ذاك المجلس الذي ضم احدى عشر عينا مخالفين لشرائط الدستور وغيرهم ممن غادروا البلاد منذ سنوات ليستقروا في أوروبا وأمريكا أو في الخليج ولم يشعروا أو يعانوا مع معاناة المواطنين في الوطن الأم . وغيرهم من الوزراء السابقين والمتقاعدين الذين حصلوا على رواتب معلولين بموجب تقارير طبية تفيد عجزهم الكلي أو 75% عن العمل الوظيفي ليأتوا من جديد أعضاء في مجلس الأعيان .
ويستطرد القائد بالورقة النقاشية عن (( تطوير الجهاز القضائي كأساس لتعزيز سيادة القانون هذا المبدأ الذي لا يترسخ الا بوجود جهاز قضائي كفؤ ونزيه وفاعل))
الكل يشعر بتراجع القضاء في بلادنا وتركيز الملك على هذه النقطة خير شاهد على ذلك مما يجعلنا نستذكر بناة الصرح القضائي الأوائل مثل علي مسمار وموسى الساكت وعبد الرحيم الواكد ونجيب الرشدان وعلي النعسان ومحمد الرقاد وأخيرا اسماعيل العمري الذي أقصي لأنه لم يوافق على بقاء أمين عام وزارة العدل الذي يريده الوزير الديجيتال ان ذاك.
اولئك الرجال الذين منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا بنوا صرح العدالة بقوتهم ونزاهتهم دون أن يخشوا بالحق لومة لائم ودون أن يسافروا مرة أو مرتين طيلة خدمتهم القضائية بعكس اليوم على سبيل المثال رئيس القضاء يتسابق مع وزير الخارجية بأسفاره من ألمانيا الى تركيا الى أمريكا ....الى وهل سيطور القضاء من خلال هذه الأسفار .
ويختتم القائد ورقته النقاشية( بأن سيادة القانون عماد الدولة المدنية وأنها دولة تحتكم الى الدستور والقوانين التي تطبقها على الجميع دون محاباة وهي دولة المؤسسات التي تعتمد نظام فصل السلطات التي لا تتغول على بعضها وهي ليست مرادفا للدولة العلمانية لأن الدين بها عامل أساسي في بناء منظومة الأخلاق والقيم المجتمعية والدين جزء لا يتجزأ من دستورنا )
وبهذه الخاتمه وضح الملك مفهوم دولتنا على حقيقته وأننا لسنا دولة علمانية تنسلخ عن مبادئها وقيمها الدينية .
وخلاصة القول أمام هذه الورقة الهامة وعلى ضوئها يتوجب اعادة النظر في هيكلة الدولة الأردنية خاصة في المواقع العليا والتي يتربع رجالها على قمم المسؤولية بعد أن وصلوا الى مواقعهم بطرق غير قانونية وغير متفقة مع سيادة القانون ومبدأ تكافؤ الفرص وان غدا لناظره قريب.