في الأخبار أن أنقرة وتل أبيب بصدد عقد إتفاق لإنشاء خط أنابيب لنقل غاز حوض البحر الأبيض المتوسط !! ما هو رأي أصحاب دعوة «العتمة اكرم من ضوء مصدره اسرائيل عشاق أتراك حزب العدالة بينما حناجرهم كانت تصدح الأسبوع الفائت شكرا لهم وحمدا من أجل نصرة القدس وفلسطين !!
هذا فصام سياسي , أن تقيم مؤتمرا لنصرة القدس بينما أن مصالحك السياسية والإقتصادية ماشية عال العال , لكن الفصام عند بعض أقطاب معارضتنا الحبيبة هو المحير .
لا يختلف الفصام السياسي عن المرضي في شيء , الفصام يظهر غالباً على شكل هلاوس أو بارانويدي أو وهام غريب أو كلام وتفكير مضطرب، ويصاحبه اختلال في الوظائف الاجتماعية والمهنية , وهو ما ينطبق تماما على الحالة السياسية في بناء المواقف تجاه القضايا .
والشيء بالشيء يذكر , مثلا نتائج الإنتخابات النيابية في الأردن من وجهة نظرهم كانت رديئة ومجرياتها سيئة لكنها في بلدان أخرى شكلت نماذج يجب أن تتبع فقط لأن نتائجها هناك راقت لأهوائهم ولأغراضهم السياسية حتى لو كان ما أفرزته ديكتاتورية جديدة وهيمنة على الحكم بإسم الدين وحتى لو كانت أهم أسلحة تحقيق الديموقراطية المزعومة تنكيل وإقصاء وإستباحة.
مثلا كان نموذج حكم حزب العدالة في تركيا ولا زال عظيما يجسد ديمقراطية كاملة الدسم , حتى مع تفتق جروحها على تنكيل لم يشهد له العصر الحديث مثيلا في أعقاب إنقلاب لم نعرف أوله من آخره , لكننا عرفنا أنه منح الحكم في ذلك البلد فرصة لإستكمال إختطاف الدولة , حتى إن ملوا من إستدعاء النموذج التركي , رأوا في التجربة المغربية مغناة جديدة يصدحون بها صباح مساء , فالبلاد الأردنية خربانة , كل شيء فيها فاسد ومنحرف تقوم عليها حكومة لا تملك من أمرها شيئا , فقط لأن الإسلاميين الذين فازوا بأقلية متواضعة في البرلمان لم يؤذن لهم بتشكيل حكومة .
في الأردن يطفئون الأنوار إحتجاجا على إتفاقية إستيراد الغاز من حوض المتوسط بإعتبارها خدمة وإذعان لإسرائيل ويلهبون الشارع ويطوفون في البلاد شرقا وغربا يحرضون الناس , وفي اسطنبول يكيلون المدائح لحكومتها العظيمة هدية التاريخ للأمة أحفاد السلاجقة والعثمانيين حماة الدين والعرض أما بناء خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي بين تركيا وإسرائيل فهو إلهام يصب في مصلحة الأمة ومعركتها ضد أعداء الدين , ولا ينبسون ببنت شفة في شأن هذا المشروع لا يستفزهم قيد أنملة وإن إعتلوا منبرا لاجل القدس وفلسطين !!.
الفصام السياسي يتجلى عندما يكتب أحدهم من اسطنبول أن العتمة اكرم من ضوء مصدره» الاسرائيلي» غاز فلسطيني مسروق، لكن خط غاز أنقرة – تل أبيب , لن يجلب غازا مسروقا !! بل على العكس هو حلال لا تشوبه شائبة , فالأردن بهذ الإتفاق يمول سلطة الإحتلال ومشاريع حكومة «العدو» الإستيطانية التوسعية لكن جهود أنقرة مغلفة بالبركات وبنذور خليفة مفوض من السماء!!.
الراي