نقاش طويل أخذ مجراه بيننا قبل أكثر من ربع قرن حول ما إذا كان الدين العام يحسب بموجب اتفاقات القروض الموقعة بالقدر المسحوب فعلاً ، أي إجمالي الدين ، أم أن ما لدى الحكومة من ودائع في البنوك يجب أن يؤخذ بالحساب ، اي بعد إجراء مقاصة بين الدين والودائع للتوصل إلى صافي المديونية.
من بين الذين جادلوا من أجل حساب الدين على الأساس الإجمالي الدكتور زياد فريز محافظ البنك المركزي ، وحجته أنه إذا جاز تخفيض المديونية بمقدار الودائع التي تملكها الحكومة فلماذا يقتصر الامر على الودائع طالما أن لدى الحكومة ممتلكات عديدة يمكن تسييلها مثل أسهم الشركات أو قطع الأراضي او الديون المطلوبة لها.
ومن بين الذين جادلوا من أجل حساب الدين على أساس الصافي أي بعد تنزيل الودائع ، الدكتور ميشيل مارتو عندما كان وزيراً للمالية ، وحجته أن سحب مبلغ ما من القروض وإيداعه في البنك لا يعني ارتفاع المديونية ، طالما أنه لم يتم إنفاق المبلغ ، كما أن الحكومة تستطيع بجرة قلم أن تستخدم ودائعها لتسديد جانب من الديون ، أي أن المديونية الحقيقية هي صافي الدين بعد إجراء تقاص مع الودائع.
لفترة طويلة غلب استعمال اصطلاح صافي المديونية بعد تنزيل الودائع الحكومية ، ولكن يبدو الآن أن الاتجاه إلى العكس ، فصندوق النقد الدولي أخذ يحسب المديونية على أساس إجمالي الدين بصرف النظر عن الودائع ، ومن هنا أصبح يشار إلى مديونية الأردن على أنها 9ر93% من الناتج المحلي الإجمالي بدلاً من 8ر84% على أساس الصافي. والفرق بين النسبتين هو ودائع الحكومة في البنوك.
بالرغم من هذه الاجتهادات ، فقد كانت النشرة الشهرية لوزارة المالية (وما زالت) توضح المديونية الإجمالية والصافية بمنتهى الشفافية.
بطبيعة الحال سوف نسير بعد الآن مع صندوق النقد الدولي ، ونقدم المديونية شهرياً على أنها إجمالي الدين المسحوب ، سواء تم انفاق حصيلته بسرعه أم بقيت في البنك لبعض الوقت.
برأي كاتب هذا العمود –إذا كان له رأي- أن ما يمكن أن يؤخذ بالحساب أيضاً هو احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية ، فهي تمثل دائنية الأردن للعالم وبالتالي فإن صافي المديونية الاجنبية هو إجمالي الدين مطروحاً منه احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية القابلة للتحويل. وتدل الأرقام الراهنة على أن الأردن في مركز دائن صاف تجاه العالم الخارجي ، أما المديونية الداخلية فلها حساب آخر ولا يجوز مساواتها بالمديونية الخارجية بالعملات الأجنبية.
الراي