يبدو أن الدبلوماسية الدولية فقدت الكثير من مظاهرها البروتوكولية واناقة اللغة والتصرف المهذب. هذا الاسبوع سمعنا من الرئيس التركي اردوغان توبيخاً شخصياً لرئيس الوزراء العراقي: من أنت؟. إلزم حدودك . يجب ان تعرف حجمك. ومن هذا الكلام الذي لم يكن أبداً من لغة السياسة والدبلوماسية.
والتذكير هنا وارد، فحين قرر السيد اردوغان مصالحة روسيا بعد اسقاط طائرتها، والاجراءات الحادة التي اتخذتها، قبل الرئيس التركي لدى دخوله القصر الابيض في الكرملين عدم استقبال الرئيس بوتين له على باب مقر رئاسة الجمهورية. وهذا لا يحدث اطلاقا. وقاد موظفو التشريفات الرئيس التركي الى مكتب مضيفه وكأنه موظف بدرجة سفير .
وقد شاهدنا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية فيلما وثائقيا لمراسيم توقيع وثيقة الاستسلام اليابانية على سفينة أميركية، وكان الجنرال ماك آرثر واقفا في المواجهة وجاء الامبراطور دون مصافحة، وجلس على كرسي منفرد، ووقّع واستدار عائداً الى قصره، واعتبر الجنرال المنتصر انه كان كريما لانه عف عن الامبراطور، ونفذ حكم الاعدام برئيس الوزراء وقادة الجيش.
وقتها لم يكن هناك مجال للدبلوماسية بعد بيرل هاربر وقنبلتي هيروشيما وناكازاكي. فالاهانة مقصودة.
هذا الاسبوع كان من المفروض وضع برنامج لزيارة الرئيس بوتين لباريس. ومع أن الرجل الحذر اعلن انه سيدشن كنيسة ارثوذكسية في عاصمة فرنسا الا انه وافق على وضع بند في برنامج الزيارة لمباحثة الرئيس الفرنسي بموضوعات أوروبية. لكن باريس بعد استعمال الفيتو الروسي لافشال مشروع قرار قدمته لمجلس الامن لتوكيد وقف اطلاق النار في سوريا وحلب بالذات ابدت ترددا في استقبال بوتين اذا كان القصد تدشين كنيسة، وصور علاقات عامة مع هولاند!؟. فقرر الرئيس الروسي إلغاء زيارته إذا كانت المباحثات ستتناول سوريا وحلب.
هذا السلوك الفرنسي - وفرنسا ام البروتوشكول - والروسي غير المعتاد، يعيدنا الى ما كنا بدأنا به من نقد الدبلوماسية لغة الكياسة واناقة السلوك والحفاظ على اللياقات. ويبدو ان هذا القرن خرج من اشكال السياسة التي حملها القرن العشرين من القرن التاسع عشر. وصرنا اقرب الى الفجاجة والشخصنة.
الراي