العُراق والخونة .. مرّة أخرى
د. هاني اخورشيدة
12-10-2016 08:53 PM
عُراق، كما قال الجواهري رحمه الله.. فحين سُئِلَ عن سبب لفظها هكذا.. قال : يَعِزُّ علي أن أكسر عين العراق!!
يبدو لي أن هذا مدخلا مهما أتبين من خلاله بأن الأرض تعرف أهلها، وتعرف غُزاتها ومستعمريها، مهما مرّت بسنوات عجاف مُرّة.
ما يدفعني لهذا المقال خبر تداولته المواقع الإخبارية مفاده أن اردوغان قد قال لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أنك لستَ نِداً لي..!
بغض النظر عن الأحداث و التصعيدات بين البلدين.. لكن، أَتَصِلُ همة اردوغان إلى هذا الحد؟ اردوغان، و هو الذي طبَّق مقولة '' ميكافلي '' حرفياً : إذا أردت أن تتخلص من الخونة، وتريد أن تبرز قوتك للأخرين كي تحظى بالهيبة، فأصنع إنقلابا" عسكريا"، ثم تمكن منه وأفشله.
و قد سمعنا جميعاً عن الإنقلاب '' المزعوم '' و مكالمة السكايب التي أنهت حدثاً مصنوعاً من الورق! ولو بحثنا في الأسباب و هي كثيرة، لكن السبب الأقوى هو نفسيّ بامتياز.. فعقدة النقص التي يعانيها شخص موتور مثل اردوغان هي الدافع الذي يجعله متخبطاً و متناقضاً هكذا.
تركيا و العراق و الشتيمة! أَيَحِقُّ لخونة العراق أبان غزوه عام 2003 أن يتطاولوا عليه مجدداً؟ و يعلم البعض ما قدمته تركيا للولايات المتحدة الأمريكية في الغزو '' المغولي '' الثاني لحضارة المجد والكبرياء .أهُناكَ ذنب أعظم من الخيانة؟
لذلك أقول: العراق أهلي و أهلي، و إن شتمتُم الحضارة لا تُضيرها الشتيمة من دُويلة لا نرى إنجازاتها إلا على قنوات الدراما التلفزيونية! الحضارة حضارة، لا يقوى على طمسها إلا الله، فلتذهب يا اردوغان و تشدقاتك بعيداً عن حِمى الليوث.. و كما قال ابن العراق المتنبي : إذا رَأيْتَ نُيُوبَ اللّيْثِ بارِزَةً ... فَلا تَظُنّنّ أنّ اللّيْثَ يَبْتَسِمُ.
فالهوى بغداد، و إن غدت للغُزاة نهباً، و للكلاب هدفاً، تبقى بغداد الشاهدة على خُذلانكم لها، و إن طالت ليالي البؤس قليلاً، فالتاريخ العراقي سيُنجِد نفسه بنفسه دون العون من أحد سوى الله عز و جل، و ستبقى العراق مهداً للحضارات، و رسالة سامية قد خطّها أبناؤها بدمائهم الزكية، وسيبقى العراقيون أهلي وعزوتي والقدر الذي يعطي العروبة والإنسانية دون انتظار أو منّة، وسيبقون كما قال شاعرهم:
قد يأكلون لفرط الجوع أنفسهم ... لكنهم من قدور الغير ما أكلوا