انها مبارزة من طراز غير مسبوق طرفاها رجل وامرأة، وهي ايضا مباراة لكن بالذخيرة الكلامية الحية، وهي تحدث على مسرح بلاد يعيش فيها خمسة رؤساء سابقين ولا يتوزعون بين الزنازين والمقابر والمنافي، كما ان الزوج وهو رئيس سابق يجلس بشكل مهذب وهو يصغي لدفاعات زوجته التي قد ترث منصبه وهو حيّ، دون ان يصرخ بها لا تتكلمي مع رجل آخر وانا هنا !!
العرب يتفرجون على مسرحية او فيلم امريكي، ويحصون الاهداف دون ان يخطر ببالهم ان هذا الفقه محرم في ثقافتهم السياسية، لأنها ثقافة تتأسس على ثنائية النميمة واياك اعني واسمعي يا جارة .
ولكي نتدرب على هذه الثقافة التي لم نلثغ بها بعد علينا ان نبدأ من البيت اولا بحيث تشارك المرأة الحاضرين في الحوار ولا تختفي في المطبخ او في بيت الدمية كما وصفه هنريك ابسن.
فقه المناظرة لا يبدأ بين مرشحين للرئاسة بل من روضة الاطفال ومن مناظرات تجري بين كتاب ومثقفين يهربون من بعضهم كي لا يفسدوا الاوهام التي تتنامى وتتفاقم في عُزلات هدفها المبارزة على طريقة الطعن من الظهر !
لم يستوقفني كل ما كتب من تعليقات حول المناظرة الرئاسية الاخيرة في واشنطن قد تعلقه بالموقف من سوريا والعراق وليبيا والشرق الاوسط فذلك ما سوف يتكرر الاف المرات في كل الصحف والفضائيات والارضيات، ما استوقفني هو ثقافة المناظرة بدءا من الاعتراف بحق المرأة في القيادة حتى لو كان زوجها رئيسا سابقا وجالسا يصفق لها .
وما استوقفني هو وجود عدة رؤساء على قيد الحياة، لأن تداول السلطة هو حصيلة الديموقراطية وحصادها !!
العرب يتفرجون على المناظرات كما لو انها حلقات من مسلسل درامي، فهم ليسوا معنيين بالامر لأن ثقافة المناظرات لديهم تتلخص في هجاء الخصم حين يكون غائبا وفي استخدام السيوف ضد طواحين الهواء او ضد نسائهم !!
الدستور