حين ابتسم الملك خارج قاعات "ويستفاليا"
10-10-2016 01:48 PM
عمون - كتب محرر الشؤون السياسية - لم تغب التحديات الأمنيّة والإنسانيّة التي نجح الأردن في التعامل معها عن منصة جائرة ويستفاليا للسلام التي مُنحت لجلالة الملك عبدالله الثاني مؤخرا.
كان واضحا الإعجاب الذي يشعر به الأوروبيون من أداء المملكة السياسي والإنساني تجاه تدفق مليون ونصف المليون لاجئ، خلال فترة وجيزة إلى أراضي المملكة، بينهم "مجاهيل أمنية" توصف بالخلايا النائمة التي أطفأتها حنكة الأجهزة الأمنية الأردنية، وخبرتها وقدرتها على التعامل مع الأزمات.
لم تتوقف المملكة أمام العقدة الاقتصادية ففتحت أبوابها للأشقاء، فدخلوها آمنين. صحيح أن الأردن توجع جراء ذلك، لكن وعلى حد قول جلالته في إحدى مقابلاته: ماذا كان أمامنا أن نفعل ازاء محنة الأشقاء؟
الجائزة التي انطلقت عام 1998م تعتبر منصة أوروبية بامتياز، تحمل بُعداً تاريخياً يعود إلى معاهدة ويستفاليا التي وقعت عام 1648 في مونستر (ألمانيا)، التي أنهت حرب الثلاثين عاماً، بسبب الصراعات المختلفة بشأن دستور الإمبراطورية الرومانية، ونظام الدولة من أوروبا.
ولم تغب "الرسالة" عن منح الجائزة للملك عبدالله الثاني - كأول رئيس مسلم وشرق أوسطي يحصل عليها من خارج القارة الأوروبية – وكيف تغيب ومعاهدة ويستفاليا كانت الفيصل في أنهاء أزمة تاريخية في أوروبا كادت أن تودي بها، فأعادت الجائزة تشكيل النظام الدولي الحديث.
تحظى الجائزة، التي تحمل اسم مقاطعة "ويستفاليا" الألمانية الشهيرة، بمكانة تاريخية متميزة، وتمثل رمزاً للسلام كونها ارتبطت بمعاهدة صلح أنهت أعواما طويلة من الحروب وأرست السلام بين شعوب أوروبا.
وبعد أن عانت الدول الأوروبية من تدفق غير مستوعب للاجئين من شتى الجنسيات السورية والعراقية والإفريقية الى أراضيها أدركوا حجم التحديات التي واجهت الأردن وهو يستقبل اللاجئين السوريين وغيرهم، رغم الامكانيات المتواضعة لديه ثم ينجح في استيعابهم.
هذا ما دفع الرئيس الألماني يواخيم غاوك، للقول خلال كلمة ألقاها بحفل بمناسبة منح الجائزة: "أنتم والمواطنون الأردنيون تعتبرون مثالا يحتذى به على صعيد الإنسانية والشعور بآلام الآخر".
ويستضيف الأردن، الذي يبلغ عدد سكانه نحو 10 ملايين نسمة، أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ من سوريا المجاورة التي مزقتها الحرب.
من أجل ذلك كسرت منصة الجائزة القاعدة بعد أن كانت تمنح لشخصيات طبيعية واعتبارية، نالتها منهم الأمين العام السابق للامم المتحدة كوفي عنان عام (2008)، والمستشار الألماني هيلموت شميت، إضافة إلى شخصيات اعتبارية مثل محطة الفضاء الدولية في عام 2014. منظمة الأطفال من أجل عالم أفضل (2012).
ولم يترك المواطنون الأردنيون والعرب المقيمون في ألمانيا، المناسبة تمرّ هكذا، فما أن خرج جلالته من قاعة الجائزة برفقة الرئيس الألماني حتى بدأت هتافات "التعييش" تطوف المكان، فهم العارفون بقيمة الجائزة ودلالاتها، في وقت توجه فيه السهام ضد الإسلام والمسلمين.
ابتسم الملك لهم، وحيّاهم. وهو من كان يقول قبل دقائق في خطابه الذي ألقاه خلال تسلّمه الجائزة: "نحن نكافح للتكيف مع تدفق للاجئين وصل حد الأزمة، بعد أن وضعت موجة اللجوء الأخيرة الأردن تحت ضغوط غير مسبوقة طالت ضروريات الحياة .. إنها أزمة تستنزف ما يعادل ربع ميزانيتنا الوطنية".