تبعات الصراع السوري على الاْردن
هشام الخلايلة
09-10-2016 08:50 AM
لم يبق في ترسانة الأسلحة الروسية من الأسلحة التقليدية ما لم يتم استخدامه ضد الشعب السوري الاعزل ولحسم النزاع في سوريا لصالح حليفهم بشار الاسد، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فانحسار تقدم قوات النظام السوري رغم الغارات الوحشية التي لم تميز بين امرأة وطفل والتي ترقى الى جرائم حرب، فشل النظام السوري في تحقيق ما تم التخطيط له مع القيادة الروسية والتي خابت امالها أيضاً في حسم الصراع السوري بسرعة.
على الجانب الاخر من الحدود، فالاردن تحمل وما زال يتحمل اعباء الحرب في سوريا بشكل ليس له مثيل في التاريخ، فلقد وقف الاْردن الى جانب اشقائه السوريين الهاربين من النظام الوحشي الفاشي وقفة سيذكرها التاريخ في صفحات العز والكرامة حينما لم يجدوا من الاشقاء من يأويهم ويفتح لهم أبوابه سوى الاْردن، وبذلك زادت اعباء الاردن لمحدودية الموارد وشح المصادر المائية، ولم يجد الاْردن من اشقائه العرب الدعم الذي كان يأمل به، وكانت كل تلك الوعود التي استبشر بها الاْردن لمساعدته في تحمل اعباء اللجوء مجرد كلام في الهوا لا قيمة له، فزادت معدلات البطالة، بسبب المنافسة غير المشروعة للعمالة السورية والتي قد تقبل بنصف ما قد يقبله ابن البلد والذي فقد حقه في العمل لاستحالة منافسة نظيره السوري.
إن الاْردن يعاني من حجم اللجوء الكبير والذي لا يبدو أن نهايته ستكون في المستقبل القريب. وبناء على ذلك، فأن مبدأ التوطين مرفوض عند جميع الاردنيين حيث أن اشقاءنا السوريين لديهم الحق بالعودة الى بلادهم حال انتهت الحرب، ومن ناحية اخرى يخشى الكثير من الاردنيين من أن توطين السوريين سيكون له تأثير على التوازن الديمغرافي للسكان مما قد يؤدي الى زيادة التطرّف، وارتفاع معدلات الجريمة، وانتشار المخدرات والدعارة وغيرها من الجرائم، ولمزيد من المعلومات يمكن الاطلاع على سجلات الجرائم في مديرية الأمن العام لترى حجم الجرائم التي يرتكبها بعض اللاجئين ، ومع كل ما أسلفنا، فالسواد الأعظم من الاشقاء السوريين لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وهم ضيوف في بيت الهاشميين حتى تضع الحرب أوزارها ومن ثم يعودون الى مدنهم وقراهم سالمين آمنين باذن الله.
اما اذا تم تقسيم سوريا كما يريد الروس ومن حالفهم، فان الكارثة ستكون كبيرة على الاْردن والاردنيين لا قدر الله، فالسوريين الذين في الاْردن لن يكون لهم مكان في سوريا المقسمة، وبالتالي فإن الخطر الديمغرافي والامني والذي حذرنا منه سيكون واقعا لا محالة، والكانتونات السياسية المختلفة على الحدود الاردنية لن يسهل التعامل معها، حيث سيكون الهاجس الأمني كبيراً ومكلفاً، ووجود قوات الحرس الثوري الإيراني ومليشيات حزب الله اللبناني وغيرها على الحدود الاردنية سيشكل قلقاً امنياً هائلاً وسيستدعي وجود أعداد كبيرة من الجيش الاردني على طول الحدود.
إن الاستعداد المبكر ووضع الاستراتيجيات للتعامل من الان مع ما قد يفرزه الصراع السوري من نتائج هو عين الحكمة، لذا فعلى صاحب القرار وواضعي الاستراتيجيات التنبه لما قد يحدث والقيام بما يمليه عليه واجبهم للحفاظ على أمن واستقرار الاْردن.
حمى الله اردننا المحبوب من كل مكروه
* خبير فُض نزاعات/استراليا