للأردن ضفتان فعلا، هما الضفة الفلسطينية "الغربية"، والضفة الأردنية "الشرقية"، وقد تحولتا حسب المفهوم السياسي الحديث الذي إبتلينا به عام 1916، من خلال معاهدة سايكس-بيكو،إلى فلسطين والأردن، لكنه لم يكتب لفلسطين أن تصبح دولة بالمعنى المفهوم، بينما الأردن تطور من إمارة شرق الأردن إلى المملكة الأردنية الهاشمية، ولا ندري أي اسم ستأخذه الدولة الأردنية بعد الكونفدرالية الأردنية – الفلسطينية التي تطبخ على النار هذه الأيام.
صحيح أن الأردن وصل إلى العالمية وبات دولة محورية وفق المقاييس المحددة لدول المنطقة، ويرتبط بمعاهدات دولية وبعلاقات دبلوماسية مع دول العالم، وله شعار رسمي ونشيد وطني ويحتفل سنويا بيوم الإستقلال، إلا أن مستدمرة إسرائيل لا تنظر إليه من هذا الباب، بل ما تزال تعتقد واهمة أن شرق الأردن على وجه الخصوص هو جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل الكبرى!
وإستنادا على ما تقدم فإن مستدمرة إسرائيل -التي نشأت بحيوان منوي عربي وضع في رحم بريطانيا عام 1916، وخرج المولود إلى الوجود عام،1948ورعته أمريكا، وتعهدته إلى أن شب وكبر وتمرد عليها، ولا ننسى أن الحبل السري لم ينقطع حتى يومنا هذا، وها هي مستدمرة إسرائيل الحليف القوي والشريك الإستراتيجي للعرب العاربة والمستعربة على حد سواء، من رام الله حتى جبال الأوراس-ما تزال غاضبة على بريطانيا لأنها إستثنت "شرق الأردن" من وعد بلفور، مع أن الأردن الرسمي قدم الكثير لهؤلاء الذين لا أمان لهم.
ولأنهم كذلك، ورغم أن الأردن الرسمي وقع معهم معاهدة وادي عربة أواخر العام 1994، ومارس كل انواع التطبيع وسهل العملية، وآخر الكوارث اتفاقية الغاز المسروق وقيمتها 10 مليارات دولار، وتعديل المناهج بما يتوافق معهم، وشطب آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريف التي تتعلق بيهود، وشطب كل ما يمت بالوطنية والقومية بصلة...
قيل للشعب عند توقيع معاهدة كامب ديفيد أنها ستكون مجلبة حظ وأن الأردنيين سيملأون شوالات الخيش أبو خط أحمر بالذهب، بسبب السواح الإسرائيليين، وهكذا مرت معاهدة وادي عربة، وكما يقول المثل فإن " الهشّات "الكذاب" خرّب بيت الطماع"، ولم يلمس الأردنيون هذا التغير المنشود وجل ما لمسناه، هو مجيء اناس من الطبقة الفقيرة إلى الأردن لأنهم غير قادرين على السفر لأوروبا وهم من كبار السن، ويأتون وفي حقائب أيديهم السندويشات وعلب المياه والكولا التي يرمونها في الشارع بعد إلتهامها، ولم يأت إلينا سوى الفلسطينيين الصامدين في المحتل من فلسطين عام 1948، للسياحة وحضور حفلات الفنانين العرب.
كما أننا فوجئنا بدخول عديدين من الأردنيين في نادي الأيدز، وتتمثل القصة بأن الموساد أرسل إلينا مومسات أغوين بعض ضعاف النفوس، وفوجئوا على السرير بالفندق صباح اليوم التالي بعدم وجود الشريكة، التي تركت خلفها وريقة كتبت عليها "أهلا بك في نادي الأيدز"، كما أن هناك مخربين من الموساد كانوا يدخلون المطاعم وينكشون أسنانهم بعيدان الخشب الخاصة بالأسنان حتى تدمي لثثهم، ويعيدونها مكانها وكأن شيئا لم يكن،وتبين أنهم مصابون بالأيدز وانهم يفعلون ذلك عمدا، ولا ننسى أن الفنادق التي نزل فيها يهود تعرضت للسرقات.
قبل رحيل الملك حسين وبعد توقيع معاهدة وادي عربة سيئة السمعة والصيت وفي شهر رمضان، دعا منظومة من الشخصيات الإسرائيلية السياسية والدينية وشخصيات فلسطينية، وعند عبور طائرتهم فوق نهر الأردن أنشد الحاخامات المدعوون لتناول الطعام على مائدة الملك حسين "للأردن ضفتان.. الأولى لنا والثانية لنا "؟.
ديدنهم هكذا، لا أمن ولا أمان لهم، ولا يوفون بعهد قطعوه على أنفسهم، ويهينون الآخر علانية ويمرغون أنفه بالوحل وهم يتضاحكون، وفوقيتهم تعدت مرحلة المرض العضال، ومع ذلك رأينا من يتباكى ويظهر الحزن على وفاة كبير المستدمرين شيمون بيريز..واعيباه وآسفاه لقد ضل صاحبنا وغوى في جنازة بيريز.