المسؤولية الوطنية للقوات المسلحة: رؤية ومفاهيم
د.بكر خازر المجالي
07-10-2016 10:09 PM
حين تكون القوات المسلحة للدولة صاحبة رسالة، وتسور الوطن بحزام القوة لضمان الامن الداخلي ويرفع منتسبوها شعارا عربيا ويحملون حب الوطن بقلوبهم ويدركون حجم التحديات والاخطار ، حين تكون قواتنا المسلحة الاردنية بهذه الصفات التي تجذرت على مدى التاريخ وتتحقق واقعا وتطبيقا فاننا نكون حقا امام جيش عربي هو لامته ولوطنه ،وهو الحامي للمكتسبات والدرع الحصين امام كل الاخطار.
ويشهد الاردن تطورا في كل المجالات ،ويمتلك الاردن ديبلوماسية ماهرة في تحقيق التوازنات في الاقليم بل على المستوى الدولي ، ومن خبراتنا ومراقبتنا لمسار تاريخ الاحداث فانه مهما بلغت قوة الدولة الاقتصادية فان كل هذا لا يحمي الوطن ولا يشكل اي رادع لاية اطماع كانت ، بل ان القوة العسكرية هي الضامن الاول لاستمرار شريان الحياة الاقتصادية ،وان حراسة ابواب الوطن ومسكها عسكريا وامنيا هو الذي يسمح بتوفير مناخ الاستقرار السليم لضمان مسيرة التنمية والتطور .
من هنا جاءت اشارة جلالة الملك عبدالله الثاني في رسالته الى رئيس هيئة الاركان المشتركة اللواء محمود عبدالحليم فريحات الى المسؤلية الوطنية للقوات المسلحة الاردنية ، وكان رد رئيس هيئة الاركان المشتركة بالتأكيد على رؤية جلالة القائد الاعلى بان الجيش العربي الاردني هو لتحقيق هذه المسؤلية الوطنية .
ونتطلع الى الترجمة الحقيقية للمسؤلية الوطنية التي حرصت عليها القوات المسلحة الاردنية عبر تاريخها ،وهي مسؤلية قومية عربية تجلت في وقفة الجيش العربي الاردني في ارض الكويت عام 1961 لحماية استقلاله وفي القتال الى جانب الشرعية ضد المتطرفين في سلطنة عمان عام 1975 وفي عمليات استعادة الشرعية في سوريا والعراق عام 1941 ، وفي وقفتها المشرفة في القدس عام 1948 وفي الجولان 1973 وفي اكبر انتصار تاريخيعسكري في الكرامة 1968 وفي عمليات السلم العالمي وفي انتشار المستشفيات العسكرية الاردنية في مناطق النزاع في عدة بقاع من العالم ،وهنا نجد اشارة جلالة الملك عبدالله الثاني الى قيمة هذه المسؤلية في ظل الظروف الدقيقة التي تعيشها المنطقة والتي تستوجب منا كمواطنين ان نعي هذه الرسالة لنبقى السند الحقيقي لجيشنا الذي بصموده وتطوره وحسن تدريبه وجودة سلاحه نرى فيه امننا الحقيقي ونستشعر الامن والاطمنان في وقت نحتاج الى المنهج العلمي في خدمة رسالة القوات المسلحة وتعميق الدراسات الموازية وتوسيع نطاق المعرفة العسكرية كعلم يتسم بالخطورة والضرورة والدقة وان نتجاوز الكلام المعسول والانتهازية والاعلام الاجوف والترضيات والتسحيج وغير ذلك وننتقل الى مرحلة بناء المعنويات بالعلم والدراسة والتوثيق الصحيح والتواصل مع المجتمع باطيافه على اسس الفهم والمصلحة الوطنية بعيدا عن المكاسب الضيقة.
وكانت الرسالة الملكية لرئيس هيئة الاركان تحمل مضامين عدة تحتاج الى التمحيص بها وجاء الرد ليشير الى قوات حرس الحدود التي هي بمثابة الحارس الحقيقي الذي يقف امام عتبة كل دار فينا ونحن لا نشعر بذلك مطلقا، وهنا نحتاج الى تطوير مفهوم الاحساس بالامن الوطني كجزء من المسؤلية الوطنية الحقيقية في ظل هذه الظروف الدقيقة.
ويمتاز جيشنا بقادته الحريصين على خدمة الرسالة الوطنية الاردنية ،وتحمل معالي رئيس هيئة الاركان السابق الفريق الاول مشعل الزبن هذه المسؤلية بكل قدرة ، ونرى في اختيار جلالة القائد الاعلى للواء الركن محمود عبدالحليم فريحات ثقة هاشمية غالية في شخصية عسكرية لها تاريخها في الخدمة ولها تجاربها العميقة وهي التجديد والتأكيد على استمرار رسالة القوات المسلحة بذات الثوابت التي نشأت عليها كجيش هو من وحي رسالة الثورة العربية الكبرى وهو جيش العرب وجيش كل اردني عزيز .