المستدمر البولندي بيريز .. صديق العرب
اسعد العزوني
03-10-2016 12:22 PM
بالأمس، وبعد غيبوبة استمرت أياما، فارق المستدمر البولندي شيمون بيريز، الحياة عن عمر يناهز الثالثة والتسعين، قضاها في خدمة إرهاب مستدمرة إسرائيل وقتل العرب والفلسطينيين - دون ان يجد أحد يقف أمامه، رغم مهارتنا في تلويث الأثير بشعارات كاذبة مفادها أننا سنحرر فلسطين، وأخص بالذكر الجمهوريات العربية الثورجية وفي مقدمتها جمهورية الوحش الأصفهاني حافظ ومن بعده ابنه بشار - بدءا من إنخراطه في عصابة الهاغاناة الإرهابية عام عام 1943، وتدرجه في المناصب العسكرية ووصوله إلى منصب وزير الحرب، والسياسية ليتسلم منصب رئاسة الوزراء، وقفزه إلى الأعلى ليصبح رئيسا لمستدمرة إسرائيل.
تاريخ حياته أو ما يصطلح بتسميته "السي في" لا يهمني كثيرا، بل جل ما يهمني هو أن هذا الرجل نجح وأيما نجاح في نسج علاقات مع الحكام العرب، وكان لهم الصديق الصدوق، وكان وفيا لا تنقطع زياراته لهم، كما أنه تمكن من خداع العالم بدبلوماسيته وابتسامته، إلى درجة أن هذا العالم المنافق، منحه جائزة نوبل للسلام، مع أنه بدأ حياته إرهابيا في حركة الهاجاناة الصهيوينة، وتقلد مناصب عسكرية منها وزير حرب كما أسلفنا، وقاد في أوائل أيار 1996 عدوانا وحشيا على لبنان، إرتكب مجزرة "قانا" ضمن عملية "عناقيد الغضب"، وقتل المئات من المدنيين اللبنانيين وغالبيتهم من الأطفال، بعد قصف قواته ملجأ للأمم المتحدة يؤوي مدنيين لبنانيين، وفوق هذا وذاك، فإن بيريز هو مهندس البرنامج النووي الحربي الإسرائيلي، وهو الذي سرق اليورانيوم الفرنسي وزود به مفاعل ديمونة الذي أسهم ببنائه.
وبسبب ذكائه إلى درجة الخبث وإرهابه إلى درجة السفاح، كوفئ بأن تولى رئاسة مستدمرة إسرائيل بين عامي 2007و2014، وكان هو الوجه المسموم المدهون بالعسل لمستدمرة إسرائيل، بدليل أنه التقى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعد أن وصلت العلاقة مع نتياهو إلى طريق مسدود.
ولعل أفضل من وصف بيريز هو الكاتب البريطاني روبرت فيسك، في مقال له في صحيفة الإنديبندنت البريطانية، بقوله إنه تذكر الدماء والنيران والمجازر عندما سمع نبأ موته، والغريب في الأمر أن عربا حزنوا كثيرا على موت بيريز، ووصفوه برجل الحرب والسلام، والأغرب من ذلك أن عباس نفسه وصفه بصانع السلام وأن موته خسارة للإنسانية، ولا أدري عن أي إنسانية يتحدث هذا الرجل، مع ان بيريز مسؤول عن مقتل الآلاف من المصريين والفلسطينيين والسوريين واللبنانيين، وكان من الداعين لمنح الفلسطينيين حكما ذاتيا محدودا بمثابة "قن" للدجاج في باحة البيت الإسرائيلي"، في حين كان ليكوديا متشددا في موضوع المستدمرات وعودة اللاجئين والقدس.
ورغم كل ما تقدم فقد كان الرجل قليل الحظ في مستدمرة إسرائيل، وضعيفا مقارنة ببن غوريون او شارون او حتى نتيناهو على سبيل المثال، وهو يماثل بذلك أول رئيس وزراء إسرائيلي وهو المستدمر الأوكراني موشيه شرتوك "موشيه شاريت"، الذي أبدع وتفنن هو الآخر في نسج علاقات ولا أروع مع الإقليم، وإشترى عشرات الآلاف من الدونمات واستأجر مثلها لمدة 99 عاما في غور كبد، وكان يرغب بالتوصل لسلام مع الإقليم، لكن الصهيوني بن غوريون نحّاه جانبا وقال له :ليس الآن؟؟!
بيريز أيضا هو صاحب أكبر إهانة للعرب الأغنياء على وجه الخصوص، وتمثل ذلك في مشروعه الذي أطلق عليه اسم مشروع الشرق الأوسط الجديد، دعا فيه إلى تزاوج المال العربي "السائب"، مع العقل اليهودي الذكي، ولعل هذه من أكبر الكبائر البشرية لو كان ش عند المعنيين ذرة من كرامة.