تمدد على اريكة العيادة الجميلة التي تشغل فيها موسيقى هادئة ورائحة زكية.
للصراحة، اعجبته الاريكة اكثر وفورا استسلم لطلب جسده بأن يأخذ نفسا عميقا على اثرها الوثير .
هذا كله، ولم يحضر الطبيب بعد،
ثواني ووقف بابتسامة تبعث على الأمان، وسأل المريض: «عوض» خير ، شو اخبارك؟
عوض اسند رأسه قليلا ، ابتسم حتى ظهر «سن» المعركة الأخيرة في فيه.
-«بلاحقني يا دكتور «
-مين يا عوض؟
-«بتربص في يا دكتور».
-مين يا عوض؟
-ميكيافيلي ، حتى انه هون معنا، انا وانت .!!!
حياتنا لا تختلف عن حياة عوض الذي لجأ الى الطبيب النفسي ليشكو «ميكيافيلي « الذي بات يطارده في كل فسحة ممكنة ومتاحة في حياته ، في العمل، في الشارع، داخل غرفة الصراف الالي، في المكتبة ، حتى على الهاتف ، وبين ثنايا الصفحات الخاصة به على مواقع التواصل الاجتماعي.
صوت خشن ، على طرف اذنك يخبرك باختلافك، يندد بمعركة، ويؤكد ضرورة انتصار اي طرف على «الاخلاق» ، احيانا، يصرخ صرخته الاكثر شهرة : «الغاية تبرر
الوسيلة».
ميكيافيلي العصر ، يريد فقط اثبات وجهة نظره ، احقيته بالصواب المطلق، الأهم انه يبدع حتى يصل لمراده، حتى لو داس على «ملكية ووجود غيره».
ميكيافيلي ، الذي اصابنا بلعنة «الاحتراب» يتربص بعوض وبنا ، المصيبة الاكبر، اننا نمنحه في كل مرة عقلنا المنطقي، ونقبله في كل صورة وثوب وقناع يرتديه ، حتى لو غير نبرة صوته، تعبر بيسر حكمه وتقود لمنطقة خلاف.
الآن ميكيافيلي مثقف، وآخر سياسي، وآخر «لا شغل ولا مشغلة» ، اختلط الأمر على عوض، وعلى الذين يريدون أن يعيشوا بسلام، لربما ،هؤلاء هم نحن.
عوض حائر، ونحن حائرون، مع أي ميكيافيلي نكون، وأي ميكيافيلي لا نكون.
الدستور