-هاجر رسول الله –صلى الله عليه وسلم-إلى –يثرب – ( المدينة المنورة, بعد أنْ حلّ فيها الرسول الحكيم المعصوم ونوّرها) بأمرمن ربّه , أبلغه إيّاه جبريل عليه السلام. بعد أن هاجر كل صحابته , بأمر منه. ما عدا اثنيْن: أبو بكر الذي صحبه في رحلة الهجرة, وعلي ابن أبي طالب الذي نام في فراش الرسول الحكيم المعصوم , لكي يضلل شباب قريش الذين عقدوا العزم , بقرار من كبرائهم أن يقتلوا المعصوم , في تلك الليلة.( ولا بدّ أن ربّهُ أوحى له بما عزموا عليه , فدبّر للأمر ما يلزمه).- ولكي يردّ عليّ الودائع.. ومضى الرسول الحكيم المعصوم في الرحلة الميمونة, يرافقه أبو بكر, والدليل الثقة , وإن كان غير مسلم: عبدالله ابن أبي أريْقط,لكي ينحوَ بهم طريقاً غير مطروقة, لأن عبدالله هذا كان –كما يقولون- خِرّيتاً في الصحراء, يعرف مداخلها ومخارجها.وكان الرسول المعصوم يركب ناقة, وكلّ من الثلاثة الآخرين يركب ناقة.وقد استمرت الرحلة الميمونة, حوالَيْ عشَرَة أيام . عانى فيها المعصوم من وعثاء السفر ,كثيراً.ولذا.. ولحكمته فيما يفعل أو يدع- لم يدخل –يثرب, فوراً ,بل مال إلى –قُباء- وهي على بُعْد حوالَيْ أربعة أميال من يثرب, في ذلك الحين, لكي يستجمّ –صلى الله عليه وسلم- من وعثاء السفر, ولكي يُبلغ أحد أهل قباء الذين أسلموا –المسلمين من أهل يثرب بأن الرسول الحكيم المعصوم قادم إليكم , في ضحى يوم كذا.حتى يُستقبل استقبالاً يليق بعظمته . وفعلاً.. استقبله المسلمون في المدينة استقبالاً عظيماً : فأصحاب الفنّ عزفوا على الدفوف, والفتيات كُنّ يغنّين الأغنية المشهورة :
( طلع البدرُ علينا---من ثَنيّاتِ الوداع ِ
ِ وجب الشكرُ علينا----ما دعا لله داع ِ)
(-----------------ِ)
أما شيوخ الأفخاذ التي أسلمت.. فقد كان كلّ واحد منهم يتقدّم نحو الرسول الحكيم المعصوم, ويمسك بخطام نافته, ويرجوه أن يحلّ ضيفاً عليهم...ولكن الرسول المعصوم كان يقول لكل واحد منهم : ( دعها, فإنها مأمورة ), حتى ناخت ناقته المباركة في حوش غلامين يتيمين من بني النجار_ خؤولة الرسول الحكيم المعصوم, أما م بيت أبي أيوب النجار.
- ولم يتوان َ الرسول الحكيم المعصوم, بعد ذلك, أن عمل وصحابته على بناء المسجد النبويّ, وآخى بين المهاجرين والأنصار, ثم أملى- الصحيفة- التي نظّمت العلاقة السلمية, بين المهاجرين والأنصار, وبين هؤلاء وبين سكان يثرب ممن لم يسلموا , وبينهم جميعاً وبين اليهود, من سكان المدينة... فغدا الرسول الحكيم المعصوم, منذ ذلك الحين , سيّد المدينة, وحاكمها...
- وهذه أخبار كلّها معلومة. ولذا , لكي نضيف جديداً, نذكر خبراً مكذوباً أوردته كتب الأخبار, وليس كتب الحديث, مؤدّاه أن الرسول الحكيم المعصوم –اقترض من يهودي مالاً , أو شعيراً , لأجل ٍ مسمّى.. فتزعم الرواية الكاذبة أنه فات الأجل, ولما يسسد ّدْ المعصوم ما عليه.فلقيه اليهودي, ( وكان بصحبة المعصوم عمر ابن الخطاب)- فأقبل عليه اليهودي, وجذبه من ردائه, وقال: لماذا لم تسدد , يا محمد, ما عليك ؟ إنكم , يا بني هاشم , قوم مُـطـْل !! وتقول هذه الرواية الكاذبة بأن عمر أراد أن يبطش باليهودي! ولكن المعصوم قال:دعْهُ , ياعمر, فإنه يطالب بحق.فأعطه حقه, وزدْ له مقابل ترويعك له !!
أقول: هذه هي الرواية مكذوبة كذباً سًحتاً! للأسباب الأتية :
-(1)- من المعلوم عند المصنّفين في الحديث – كالبخاري ومسلم, وغيرهما.. أنه لا يصح خبر عن الرسول المعصوم,إلا إذا كان يقوم على سند تامّ . فإذا سقط راو ٍ أو كان في السند راو ٍ كذاب – فلا يجوز نسبة الرواية إلى الرسول المعصوم .. فكيف, وهذه الرواية بلا سند على الإطلاق ؟ إذْ- لم أجدها ولم أجدْ لها سنداً في كتب الحديث , فقد وردت في كتب الأخبار- لا في كتب الحديث. وكتب الأخبار , الكذب فيها كثير, لأنها لا تتحرى الصحيح, وإنما تتحرى الإمتاع .
-(2)- الرسول المعصوم, منذ حلّ في المدينة –التي نوّرها بأنواره- غدا سيّد المدينة وزعيمها, فكيف يجرؤ أحد, يهودياً كان , أو مشركاً- أن يُهين سيد المدينة وزعيمها؟؟ هذا أمر لا يقبله العقل ولا الواقع.فإذا أضفتَ إلى ذلك أن الرسول المعصوم كان معه – كما تزعم الرواية- عمر –الرجل العظيم الصند يد.. فكيف يجرؤ أعظم أهل المدينة, وليس مجرد يهودي مستضعف أن يجذبه من ردائه ؟ معلوم أن اليهود أهل دسائس وغدر, ولكنهم ليسوا بأصحاب مواجهة. إنهم , اليومَ, لجبنهم يقتلون الشابّ الفلسطيني لمجرد كّ بأن معه سكيناً, قد يطعن بها جندباً يهودياً.
- ( 3)-إن اليهود, بعد السنة السادسة للهجرة, لم يبق َ أحد منهم في المدينة, إذْ أجلاهم الرسول الحكيم العصوم, لغدرهم وخيانتهم, ووقوفهم مع الأعداء, في معركة –بدر- ومعركة – أحد!!-
-( 4)- إن أيّ رجل شهم .. تأبى عليه مروءته أن يستدين ممن يعادونه , ولو أصاب عائلته الجوع – خاصةً, إذا كان له مندوحة- بل أعظم مندوحة . ذلك .. لأن من أصحاب الرسول الشهم الذي تجري المروءة في عروقه- من هو غني, بل طائل الغنى- كعثمان, وعمه العباس, وطلحة والزبير, وعبدالرحمن ابن عوف, وآخرين.فإذا –افترضنا, جدلاً- أنه احتاج.. أيقترض أو يستدين – من أعدائه أم من أصحابه الذين يبذلون له, وفي سبيله النفس والنفيس ؟؟ بل أيقبلون أن يستدين نبيهم وسيدهم وإمامهم , ورسولهم من عدوّه, وفيهم عرق ينبض؟؟ معاذ اللهِ, لا يقبل ذلك- لاواقع ولا عقل , ولا طبائع النفوس!!
-(5)- وآخر الأدلة –التي لا تُخرم-أن الرسول الحكيم المعصوم .. لم يجع ْ, يوما, عن قلًة جِدَة,بل كان يجوع هو, وليس نساؤه,عن عِفة وتخفف من أثقال الدنيا, جوع َ ورع وتقىً وعصمة, أحياناً, كما قلتُ في قصيدة نظمتها في مدحه –صلى الله عليه وسلم- أقول في ذلك:
( وكان ,قبلك, خيرُ الخلق ِكلّهُمُ ---يجوع ُ من عصمة ٍ, لا جوعةَ َ الزمِن ِ ).
-أما ما الدليل على أن الرسول الحكيم المعصوم- لم يجعْ من قلّة, ولم تجعْ نساؤه, قطّ ؟ الدليل هو من القرآن- الكريم- الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديْهِ ولا من خلفِهِ)= فُصّلتْ-42=قال الله العليم القدير, في سورة – الضحى- الآية- 8-( ووجدك عائلاً فأغنى )= .أي : وجدك يعولك جدّك عبدالمطلب, ثم عمك أبو طالب, فأغناك عنهما,..أولاً: بما كنت تثمّره من أموال زوجتك خديجة- رضي الله عنها- وثانياً : بما كان يأتيك من خمس الغنائم. ولا يعني ذلك أنه –صلى الله عليه وسلم- أصبح غنيّاً,وإنما أصبح يأتيه من الرزق ما يستغني به عن الأخذ من أموال جدّه أو أموال عمّه, أو أموال أيّ ابن أنثى . وقال تعالى, مرّةً أخرى, وتأكيداً, في سورة- طه-الآية- 132-: (وأمرْ أهلك بالصلاة , واصطبرْ عليها. لا نسألك رزقاً, نحن نرزقُكَ ). أيصح, بعد هاتيْن الآيتيْن اللتيْن أعلم الله القدير المعطي- بهما رسوله, أنه سيعيش مستور الحال , لا يحتاج أن يأخذ من أحد درهماً, أو ديناراً- أيصحّ أن نصدق أقوال الرجال , ونغضّ الطرف عن أقوال ربّ الرجال, وخالق هؤلاء الرجال ؟؟-إن التفكير في غير هذا عبث, ووهم, وإلْغاء للعقل, وعدم توقير وإيمان بكلام الله تعالى- ربّ السماوات والأرض, وربّ البشر جميعاً, بل وربّ ما على ظهر هذه الأرض من حيّ , وميّت!! –( فاعتبروا يا أولي الألبالب) = الحشر-2=ودعوا هرطقات الكـُذّاب!! والله تعالى الهادي إلى الحق والصواب!!