بداية لا بد من التأكيد على أن الأردنيين جميعا بدءاً من رأسهم الملك عبدالله الثاني إلى أصغر مواطن مرورا بكل مفاصل الدولة والحكومة والقيادات الفكرية والسياسية لا يرضى أحد منهم أن تمس ثوابتنا الاسلامية وأركان عقيدتنا ولا آيات الله في قرآنه العظيم وأحاديث نبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الشريفة، فلا يزاودنّ أحد علينا خصوصا وأن قيادة هذا البلد تتشرف بالنسب إلى بيت النبوة وهي الوريث الشرعي للرسالة.
نتحدث بهذا القول من وسط «معمعة» النقاش المحتدم حول ما سمي بتعديل المناهج وقد اكتشفنا جميعا بأننا خبراء في تطوير المناهج من صغيرنا إلى كبيرنا وذهبنا بالتنظير على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي حتى اختلط الحابل بالنابل وغابت الحقيقة وكلنا تحدثنا عن الموضوع وأدلى كل منا بدلوه دون أن يطلع على فحوى هذه التعديلات الا قلة قليلة من المتابعين الجادين.
إذا كنا مقتنعين بما نقول أننا نعيش بدولة مؤسسات، ومجتمع تراتبي، لكل اختصاصه، علينا أن نقنع بما جاء على ألسنة علماء الشريعة الذين تحدثوا للمجتمع الأردني ودحضوا كل الافتراءات التي طالت عملية تطوير المناهج، حيث أكدوا أنه لا مساس أبداً بالثوابت الإسلامية، قرآناً كريماً وسنة شريفة ومعاني عظيمة.
أما إذا أردنا الاستمرار بهذه «الهيصة»، فعلينا جميعاً أن نتوقف عن التشدق بأننا مجتمع متحضر يتقدم على كل المجتمعات العربية. كل عمل مهما كان لا بد أن تشوبه نسبة من الخطأ، فهو في النهاية عمل بشري قابل للخطأ والصواب، فعلى الذين يرفعون أصواتهم ويلطمون وجوههم حسرة على ثوابتنا الإسلامية أن يشيروا إلى التجاوزات إن كانت موجودة بهدوء وعقلانية وبعيدا عن المبالغة المؤذية والاتهامية المقيتة حتى يعاد تصحيحها ووضعها في سياقها الطبيعي.
لقد حلت علينا لعنة ما يسمى بمواقع وصفحات التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت صفحاته ميداناً لبث الفوضى والنقاش الفارغ الذي لا يؤدي إلا إلى الكراهية والفوضى.
ما أبلغنا به العلماء الأجلاء، أن آيات الله العظيمة، وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم الشريفة، قد أعيد ترتيبها حسب المراحل العمرية اللازمة، دون المساس بها، وهؤلاء شهود عدول، نثق برأيهم ونطمئن لعلمهم ولما قاموا به من عمل في تطوير المناهج لأنهم يرفضون أصلاً المساس بعقيدتنا بعد كل هذه الخدمة في ميادين الشريعة.
إذا كان العلماء والخبراء الذين كلفتهم الحكومة بمراجعة هذه التعديلات قد أفادوا بأنه لا مساس بثوابتنا الإسلامية والوطنية، وهم علماء أجلاء وحريصون كل الحرص على الثوابت الوطنية والدينية فعلينا أن نغلق أبواب النقاش حول هذا الموضوع ونترك للتجربة الفعلية الحكم على هذه التعديلات وكما قلنا في البداية، كل عمل بشري خاضع للتعديل والمراجعة، خصوصاً أن المناهج الجديدة هي طبعة تجريبية لعام دراسي واحد.
إن حرق الكتب التي تحوي آيات الله وأحاديث نبيه محمد صلى الله عليه وسلم والخروج بفوضى إلى الشارع لا مصلحة فيه للأجيال التي نتباكى عليها وعلى مستقبلها، ولا مصلحة للوطن التي نتغنى بها في الليل والنهار.
علينا أن نحكّم لغة العقل والحوار الهادئ البعيد عن الانفعال الذي يؤذي الفكرة النظيفة والنية الصادقة، وعلينا مرة أخرى أن نثق بعلمائنا، فمن يجرؤ على تحدي هذا الدين أو العبث بآيات الله العظيمة فما شاده احد الا غلبه.
الدستور