من قرية صويلح الى 39000 ألف قدم
كابتن اسامة شقمان
02-10-2016 02:02 PM
في هذا الجزء والاجزاء الثلاثه القادمة سوف احاول وأمل ان أستطيع أن أعبر عما يدور في خوطري وما يتبادر إلى ذهني هو ذاك السؤال الذي يفرض نفسه, متى سيتحرر العقل العربي من علائقه, ويعود من الأمس إلى الحاضر والمستقبل، ويعزز لثقافة التفاؤل في المستقبل وثقافة حب الحياة، ويحمل بين ثناياه باقات السلام والتسامح والأمل, ويعزز رغبة الانسان العربي المسلم في حب الحياة والتطلع للمستقبل والحياة الافضل, ونجعل العالم مكان أفضل للحياة، فنضيء النور في نفوسنا ونعلم انفسنا كيف نحب الحياة وكيف نحب أنفسنا, وحبنا لأنفسنا يمنحنا القدرة على حب الناس .
التحرر من الأمس إلى الحاضر والمستقبل هي الطريقة الوحيدة الممكنة لجعل المجتمعات العربيه بكافة ألوانها وأطيافها أن تلتقي في نقطة واحدة هي نقطة مصلحة الاوطان, الحوار مع الجميع دون تهميش باستثناء الذين سلكوا طريق العنف والسلاح فلا حوار معهم، تقبل الآخر كنقطة بداية وركيزة أساسية لأي حوار لا يوجد مجتمع في هذا العالم مكون من تيار واحد فقط، علينا أن نحاول اكتساب ثقافة الحوار من خلال ممارسة الحوار نفسه.
أذا نظرنا حولنا، ووضعنا على الطاولة خريطة تبين الدول العربية، للأسف لن نجد إلا الصراعات والتخلف السياسي والفكري والاجتماعي الذي يربطه البعض بالاحتلال الصهيوني لفلسطين بحيث اصبحت قضية تحرير فلسطين المحتلة «قميص عثمان»، نرفعه في وجه كل اشكال التخلف الذي نعاني منه، لن تقبل الشعوب العربية احتلال اليهود لفلسطين، ولكن، وبقدر ما ترتبط قضية فلسطين ارتباطا مباشرا بشخصية الانسان العربي، الا أن تحرير هذا الإنسان من طريقته ومنهجه في التفكير بشكل دائم في ماضيه، والعيش على الاطلال ادى بنا الى دخول النفق المظلم ولم نخرج منه بحيث اصبحنا في حالة غياب عن الاحداث التي جرت في محيطنا والمتعلقة بنا.
المشكلة الاهم التي تواجِه الأمة العربية تكمن في تحريره من القهر الفكري والسياسيِ والاجتماعي الذي تحول إلى قهر داخلي ذاتي واصبحا جزءا من شخصية الإنسان العربي وبنيته الفكرية والاجتماعية والسياسية، الصراع العربي الصهيوني سيظل عنوانا لکرامة الأمة العربية وهو صراع امة من أجل المحافظة على کرامتها المسلوبة، التي سلبتها الأنظمة الاستبدادية الفاسدة بعد أن تلاشت ارادتها وعجزت واصبحت لا تستطيع الحراك، وأفسدت الأمة وسلبت ارادتها وانتجت ظلماً كبيراً مما جعلها تتخلف عن الركب الحضاري العالمي.
ان التحديات والمشكلات التي تحيط بمستقبل الامة العربية بالوقت الحالي غير مسبوقة علي الاطلاق، فالامة تعيش في دوامة من الصراع لن تنتهي أذا استمر التعامل مع المشاكل الحالية والقادمة بنفس الاسلوب، ولو استمرت في التعاطي مع هذه المشكلات على هذا الحال الذي يزدادُ تدهورا، بدون أن تتضح الرؤية لكيفية تغيير الأوضاع المعاصرة في خطوات عملية على ارض الواقع، فلا مناص بمرور الزمن من ذوبانها في المجتمعات المتقدمة المسيطرة فكريا واقتصاديا وعلميا، لذا لا بد من بذل كل الجهود لكي تعود الأمة العربية إلى وضع تتضح فيه الرؤية لكيفية الخروج من هذا النفق المظلم.
الأُمّةِ العربية تدور حول محور واحد وهو التخلف والتطرف الفكري بجميع أَشكاله وأَلوانه ومظاهره, وهو السبب الرئيس في فَشلِنا, ولولا لما نشبت جميعُ هذهِ الصراعات والخلافات والأزمات، كما ان التطرف الديني والاجتماعي كان وما زال هو السائد وبسببهما تنمو وتتطور وتتعمق تتفكك الروابط الاجتماعية بين أفراد الامة الواحدة مما يسهم في تنامي التنافر والشعور بالريبة من طرف تجاه الآخر وخاصة في وجود الاختلافات والتعددية الثقافية والفكرية والمذهبية.
وهنا، لا ننكر أهمية التعليم واعادة الكتابة عن الفكر والثقافة في مجتمعاتنا المتحولة، فنحن بحاجة إلى بوصلة تحدد اتجاهاتنا في مختلف المجالات، وبحاجة الى ايدولوجيا فكرية جديدة للوصول منظومة عقائدية واخلاقية وسلوكية جديدة لتكون بوصلة الامان لخروج الامة العربية من النفق المظلم الذي دخلته قبل ما يقارب الثلاثه قرون.
يجب ان ننمي ونزرع حب الوطن من خلال وسائل الإعلام والمدارس والمساجد والكنائس ومنظمات المجتمع الوطني, لان تماسكنا الداخلي في هذا الوطن الصغير في اردننا الحبيب في هذه المرحلة يحتم علينا أن نعمق الثقة فيما بيننا بشكل أكثر كشعب اردني واحد "من كافة المنابت والاصول", وواجبنا تجاه وطننا يحتم علينا التعاون في التصدي للاخطار التي قد يتعرض لها الوطن..
ولا يجب ان يغيب عن بالنا ما للأخلاق من أهمية, فلا يمكن أبدا أن تقوم بدونها المجتمعات, لا يمكن قيام مجتمع وبناء حضارة دون الاعتماد على الأخلاق الحميدة للتعايش بين ابناء الوطن في أمن واستقرار، لأن ارتقاء الأمم والشعوب ملازم لارتقائها في سلم الأخلاق الفاضلة, وأن انهيار الأمم والشعوب ملازم لانهيار أخلاقها، أن الالتزام بالإخلاص للوطن، والدعاء للوطن واجب مقدس، وقد دعا سيدنا ابراهيم لمكة " رب اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات" فهي دعوة تركزت على الآمن واقتصاد الوطن،
في الماضي كانت الاوطان تنسب إلى الأبطال، وغدت اليوم تنسب إلى الارهاب والقتل، الى ان أفسدت ونهبت ثرواتها, وهيمنت عليها انظمة الاستبداد وتسلط الدكتاتوريات.. لقد انتشر الظلم وحكم القوي على الضعيف، واحكمت قبضة المستبد ونهبت ثروات لاوطان وبات الظلم في ارجاء اوطان العالم العربي، و زاد القتل بحجة الدين، في ظل مخاض هذه المرحلة الانتقالية التي تعيشها الامة العربية بعد ما سمى الربيع العربي، نجد انها أسفرت عن فشل في قضية التحول الى شعوب تحكم وتحتكم من خلال تطبيق المفهوم العالمي في الديمقراطية.
ان اي عملية رصد وتحليل للوضع العربي الراهن تحتاج الى أخذ قراءة اتجاهات التطورات ومؤشرات التغير في موازين القوى على الساحة الدولية والإقليمية وانعكاساتها على الساحة العربية بعين الاعتبار ، كما ان تطور الأوضاع في بعض القوى الإقليمية المؤثرة في الوضع العربي والمتأثرة فيه، وتراجع وفشل وتفاقم أزمة انظمة الاستبداد وانتشار الفساد والعودة عن جدية الاصلاح وفشل التحول الى نظام ديموقراطي في حكم الشعوب قد افرغ الخطاب السياسي من مصدقيه ولا سيما بعد تراجع انظمة الاستبداد عما كانت قد تحمّست له في بدايه ما يسمى الربيع العربي كان من البواعث المهمة في بروز الفكر التكفيري.
الانظمة المستبده في العالم العربي حالت دون تحقيق الحد الأدنى من تطلعات الشعوب العربية في التنمية والحرية، وأدت بالتالي إلى الفشل في الارتقاء إلى مستوى الحياة اللائقة أسوة بباقي شعوب وحضارات العالم، وهذا نتيجة طبيعية ومنطقية لممارسات تلك الأنظمة المستبدة، الذي مورس ضد الشعوب، وكان من نتائج حكم هذه الأنظمة المستبدة والقمعية أن تحول الشعب العربي إلى شعب منتج للارهاب التكفيري المذهبي ومثقل بهمومه السياسية والمعيشية والاجتماعية فالنظم الاستبدادية تقتل في شعوبها إرادة التفكير والتطوير والإبداع وتخلق مجتمعا متأزما منغلقا على نفسه لا يقبل بالرأي الاخر واصبح يسير بنفس فكر الانظمه التى انتجته وحكمته طوال القرن الماضي واصبح مستبدا ومتشددا في فكره وعدم تقبل الرأي الآخر ما أدى الى ظهور الفكر المذهبي التكفيري حتى أصبحت صورة مألوفة في المجتمع العربي المعاصر وغدت إشكالية واقعية معاصرة وعقبة حقيقية على طريق تحقيق الاصلاح والنهوض في مجتمعاتنا.
... يتبع