حرية التعبير والمسؤولية الاخلاقية
هشام الخلايلة
02-10-2016 10:17 AM
كفل الدستور الأردني حرية التعبير وقيدها بعدم ازدراء الأديان، او التحريض على الكراهية، وبعبارة اخرى بعدم العبث بالوحدة الوطنية.
اذاً كل أردني عليه التزام واضح وبنص القانون بعدم الاقتراب مما يعكر السلم المجتمعي، ولا يعذر من يقوم بأعمال او أقوال او كتابات تدعو الى الفتنة او الى تعكير السلم المجتمعي.
كلنا قرأ عن الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد صلى الله علية وسلم، والتي نشرتها مجلة (تشارلي أبدو) الفرنسية ضاربة بعرض الحائط مشاعر اكثر من مليار ونصف المليار مسلم، وقد ادانت معظم دول العالم الحر تلك المجلة واتهمتها باضطهاد المسلمين في اعلى معتقداتهم الدينية، وكان للحكومة البريطانية موقف حيث طالبت القائمين على تلك المجلة بالاعتذار للمسلمين وعدم تكرار مثل تلك الرسوم مرة اخرى.
لكن الصحيفة لم تستجب لأصوات العقلاء في العالم وأصرت على أن ما تقوم به هو جزء من حرية التعبير، ولن تتوقف المجلة عن النشر. لكن الذي حدث بعد ذلك من هجوم احد الغاضبين على المجلة المذكورة وإطلاق النار على من قام بالنشر والاساءة كان بمثابة الصحوة والتي تنبه اليها الكثير من الدول بحيث أن معظم البيانات التي صدرت وإن كانت قد ادانت الاعتداء الا انها طالبت جميع اصحاب الاقلام من كتاب ورسامي كاريكاتير بالامتناع عن الاساءة الى الرموز الدينية على اختلافها وقد استجاب الكثير من الكتاب العالميين الى تلك الدعوات وطالبوا بالابتعاد عن كل ما يسيء لمشاعر المؤمنين في العالم.
وبالعودة الى الشأن الأردني، فإننا في الاْردن لا نقبل أن يقوم اي شخص او جهة غير موافقة والقانون بتنفيذ او التغول على القانون مهما كانت الأسباب والذرائع لان في ذلك انفلاتاً للمنظومة الأمنية والقضائية والأخلاقية معاً، وفيها أيضاً ضياع لحق الفرد بالعيش بأمان والاحتكام الى القانون الذي هو الفيصل. واذا قام شخص او مؤسسة ما بالإساءة او تجاوز القانون، فالاولى والاجدر هو احترام القانون وبغير ذلك تدب الفوضى، وتصبح الحياة في بلادنا كمن يعيش في الأدغال.
اما القانون الجنائي الاردني فقد جرّم الاساءة الى الرموز والمعتقدات الدينية، وجّرم من يسيء الى الوحدة الوطنية او من يدعو الى الفتنة. وظهرت هناك أصوات نشاز تدعو الى اذكاء الفتن بين مكونات الشعب الاردني والتي ندينها بأقسى العبارات لشعبويتها ولعدم وجود قاعدة لها الا في نفوس الموتورين او اصحاب الاجندات الخارجية.
اننا في الاْردن نعيش في دولة المؤسسات، ولا نقبل أبدا أن نكون مثل بعض دول الجوار والتي تفتت وتمزقت أوصالها بسبب الطائفية المقيتة والتي لن يكون لها في بلادنا مكان باذن الله.
اما التعايش بين المسلمين والمسيحيين فقد شكل مثالا عالميا للاحترام والتآخي أسسه ملوك الاْردن وأوصوا به، فلا تكاد تسمع عن حادثة فيها اضطهاد او كراهيه. ولذلك، فأن الحفاظ على ذلك التعايش يعتبر ركيزة أساسية للحفاظ على الوحدة الوطنية.
من ناحية اخرى، إن سرعة تنفيذ القانون لردع من يسئ الى الوحدة الوطنية له فوائد لا تعد ولا تحصى وأهمها على الإطلاق وأد الفتنة بسرعة، وعدم فتح الباب لهؤلاء الغاضبين او لمن أسيء الى رموزهم الدينية او الموتورين للقيام بأعمال تتعارض والقانون الاردني، ولذلك فإن من الواجب على العاملين في السلك القضائي التنبه في المستقبل الى حساسية بعض القضايا والقيام باتخاذ الاجراءات المناسبة للحيلولة دون تكرار ما حصل وللحفاظ على السلم والأمن المجتمعي.
حمى الله اردننا المحبوب من كل مكروه
* خبير فُض نزاعات/استراليا