في مثل هذه الأيام الخريفية وفي العام الستين من القرن الماضي كنت طالبا في كلية الحسين بعمان وبالتحديد في الصف الاول الثانوي (العاشر حاليا)، ولان دوام الطلاب في الكلية كان يبدأ من الثامنة وحتى الرابعة ما عدا الخميس وهي مدة طويلة كان بعضنا يذهب الى ملعب الكلية للعب كرة السلة وكرة الطائرة وكرة القدم في حين كان البعض الآخر وانا منهم نُديم المطالعة في مكتبة الكلية اعذب واجمل الاماكن في هذه المؤسسة التربوية الرائعة.
وقعت بين يدي في هذه مكتبة كلية الحسين وفي ذلك اليوم الخريفية مجلة المختار الاميركية المترجمة موادها من الانجليزية الى العربية عن المجلة الأصل (ريدر دايجست) ذات الاسلوب العذب السهل الممتنع. احدى المقالات ولكاتب نرويجي لم اعد اذكر اسمه تحدث فيه عن زيارته للقدس، وحديثه كان عن امور غابت عنا نحن ابناؤها..
حقاً لقد اسهب الكاتب في الحديث عن المسجد الاقصى وكنيسة القيامة، لكنه اسهب اكثر واكثر وهو يتحدث عن مطاعمها التي تنفرد عن جميع مطاعم مدن العالم بأن اصحابها يطبخون طعامها بزيت السيرج المستخدم من بذور السمسم ..ثم تحدث طويلا عن سور القدس وبانيه السلطان العثماني سليمان القانوني وكذلك ابوابها وبرك سليمان وغيرها من الاماكن...
في عام 1996 اوفدتني الرأي الى مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية شغلتني المهمة في رام الله بعد حذف مواد وبطلب امريكي اسرائيلي من الميثاق الوطني الفلسطيني...
لكن ....
ما شغلني اكثر رغبة جامحة لدخول مدينتي ومسقط رأسي مدينة القدس الممنوع علي دخولها كصحفي لانها لم تكن خاضعة للسلطة الوطنية الفلسطينية وفق اتفاق اوسلوسيء الذكر... وقد ظفرت اخيرا ودخلتها ورغم عيون العدو الكثيرة والمفتوحة بزيارة مدينتني الحبيبة ووطني الشخصي القدس. فطفت في احيائها كلها شرقا وغربا وكذلك مساجدها وكنائسها واعتليت سورها الشامخ المهيب وتناولت طعام غذائي المطبوخ بالسيرج في أحد مطاعمها بينما مذياع يعلو صوته في المكان ويصدح باغنية السيدة أم كلثوم .. يا ظالمني...!
Odeha_odeha@yahoo.com