في الآونة الأخيرة خرجت علينا أصوات تدعي أن مجتمعنا أصبح مجتمع الكراهية وأن أخلاقنا وطباعنا تغيرت وأصبح الواحد منا لا يطيق الآخر وانتشرت بيننا أصوات تدعو إلى الطائفية وتشعرك بأنها أصوات حاقدة.
هذه الإدعاءات غير صحيحة وغير سليمة وإذا كانت هناك أصوات وتصرفات لم نتعود عليها فهي أصوات نشاز ولن تلقى من يؤيدها في مجتمعنا، فهذا المجتمع لم تزل الأصالة فيه ولم يزل أهله متحابين لا فرق بين شخص وآخر ولم يفرقهم يوما دين أو مذهب، وأذكر عندما كنا نعيش في مدينة الكرك كان والدي رحمه الله يصطحبنا أنا وشقيقي معه إلى المسجد العمري لنحضر عيد المولد النبوي الشريف وكنا نفرح كثيرا عندما كانوا في نهاية الاحتفال يوزعون علينا صرر الملبس.
لا فرق في بلدنا بين مسلم ومسيحي ولم نشعر يوما أننا يجب أن نفرق بين أصدقائنا المسيحيين والمسلمين فنحن نعيش مع بعضنا البعض منذ مئات السنين نتقاسم لقمة الخبز ونعيش نفس الهم وأذكر هنا أن أحد أقاربي المقربين دهس رجلا من عشيرة أخرى في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي فكان أن ذهب عدة رجال من عشيرة المبيضين إلى المرعى وساقوا أغنامنا عندهم ليحموها من فورة الدم التي كانت معروفة في ذلك الوقت وبقيت عندهم حتى تم الصلح مع عشيرة الرجل المدهوس.
نحن لسنا مجتمع كراهية والإرهابي الذي قتل ناهض حتر لم يقتله لأنه مسيحي بل لأن هذا القاتل يحمل في رأسه أفكارا متطرفة لا تقبل الرأي الآخر فكان أن خطط لارتكاب جريمته النكراء بسبب ما يحمل من أفكار.
أما الذين يغردون على صفحات التواصل الاجتماعي وينفثون حقدهم وكراهيتهم وسمومهم فهؤلاء لا يمثلون الإسلام الحقيقي ولم يتعمقوا في فهم دينهم وهم يقتلون المسلمين قبل المسيحيين وها هي عصابة داعش الإرهابية لا تفرق بين مسلم ومسيحي وتقتل في كثير من الأحيان من أجل القتل وتكفر كل مسلم لا يؤمن بأفكارها المتطرفة وتحلل قتله بل وتقوم بذلك بالفعل.
المطلوب منا جميعا أن نقف صفا واحدا ضد كل الأفكار المتطرفة وأن نبقى إخوة متحابين يشعر كل واحد منا بوجع الآخر ويقدم كل منا المساعدة للآخر وننبذ الأفكار المتطرفة الغريبة على مجتمعنا، هذا المجتمع الذي عاش أفراده منذ مئات السنين كإخوة وأصدقاء لا فرق بين واحد وآخر والأديان وجدت لتجمع لا لتفرق.
تحية محبة لكل الأردنيين الشرفاء الذين لا يقبلون أن ينجروا إلى الفتنة ولا يقبلون أن تخرب مجتمعهم وعلاقاتهم الأفكار المتطرفة المستوردة من الخارج وسيحافظون على لحمتهم الاجتماعية وعلى أصالتهم ولن يقبلوا إلا أن يكون مجتمعهم مجتمع الحب ومجتمع التعاون أما المتطرفون فسوف يذهبون إلى مزبلة التاريخ وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح.
الدستور