كيف يا ترى تصنع الحكومة قراراتها
د.مروان الشمري
29-09-2016 08:20 PM
مر الأردن بظروف تاريخية صعبة عبر السنين وقد استطاع بهمة ابنائه ووعيهم وحكمة القيادة ان يجتازوا كل الظروف والملمات التي واجهها هذا البلد الطيب.
ان القارئ للتاريخ والمتفحص للظروف يجد تشابها كبيرا بين كل الأزمات التي مرت بها المنطقة وتأثر بها الاْردن نتيجة وضعه الجغرافي ونتيجة ارتباطه العضوي ديمغرافيا بجسد أمته. لقد استطاعت القيادة الأردنية في مختلف هذه الأزمات والظروف ان تقرا المشهد بحكمة وعقلانية وان تصيغ الخطوات الأردنية بكل حذر واضعة مصلحة المملكة كحجر الأساس في رسم سياستنا الخارجية درءا لأي تداعيات سلبية داخليا.
ان ما تمر به المنطقة اليوم وتداعياته الداخلية امران حيويان وعاملان أساسيان في رسم السياسات العامة الداخلية وهو امر لا يختلف عليه اثنان، وهو ما يتطلب من الدولة العمل بقوة على تحصين الداخل وتفعيل منظومة القيم الاجتماعية النبيلة والتي تزيد اللحمة والانسجام والتكافل بين أبناء شعبنا الأردني وبنفس الوقت تعمل الدولة على تحسين الظروف الداخلية التي تمكن فئات المجتمع كافة من الشعور بالعدل والرضا والمساواة.
شهدت الساحة الاردنية في الأسابيع الاخيرة تأزيما رده الكثيرون الى ملفات حيوية ابرزها صفقة الغاز والمناهج والانتخابات النيابية ويعلم صناع القرار تماما ما هو الموقف الشعبي من المناهج وصفقة الغاز، ولكننا لم نلحظ أبدا جدية للحكومة في احترام السلطة التشريعية في قادم المراحل وهي الممثل الشرعي لارادة الشعب الأردني بدءا من مشاورات تشكيل الحكومة وانتهاءا بتصريحات الناطق باسم الحكومة والتي نصب نفسه فيها وصيا على الأجيال وخبيرا في التطوير محاولا فرض ارادته وارادة من يدعمه على اصحاب الشأن.
المشهد الذي نراه يجعل الجميع متوترا ولا يستطيع احد ان يزايد على وطنية الأردنيين جميعا وهو ما تغفله الحكومة وتستمر في سياسات إقصاء واهمال الإرادة الشعبية في كل الملفات التي ما زال صناع القرار مستمرون بمعالجتها بنفس الأساليب الفاشلة والتي اودت بِنَا الى ما نحن فيه.
كل هذا ما زال على ما يبدو غير مرئي لصناع القرار في حكومتنا والتي لم تحصل بعد على شرعية دستورية والقارئ في تصريحات ناطقها الاخيرة يرى نرجسية واضحة وكأنه نصب نفسه وحكومته أوصياء على عقول وارادة الشعب.
بات واضحا للعيان ان صناع القرار يعيشون في حالة انفصال تام ومنقطع النظير عن جسد الدولة ومكونها الرئيسي وهو الشعب. ان ديمومة الاعتقاد السياسي بان النخب هي التي تملك حق رسم السياسات كارثة حقيقية بكل المقاييس. الأهم من ذلك وما هو أدهى هو ان إشعار المواطن بعدم أهليته للمشاركة في صنع القرار ساهم ويساهم في زيادة الاحتقان الشعبي. ليس ادل على ذلك طريقة واليات اختيار الوزراء التي يبدو انها ما تزال تتراوح بين شخصية ومنافعية وتكشف عن انعدام الأفق لدى صناع القرار ومحدودية خياراتهم نتيجة محدودية فكرهم السياسي والاجتماعي ونتيجة شعور النرجسية المتأصل لدى النخب التي تحكم سياساتنا منذ الأزل ونظرية حكم النخبة التي اوصلت البلاد الى طريق مسدود اقتصاديا واجتماعيا.
ان الإمعان في التغول على إرادة الشعب امر كارثي سيخلق مزيدا من الاحتقان وعلى الحكومة وصانعي القرار ان يخرجوا من فقاعات الأبراج العاجية التي أحاطوا أنفسهم بها. ولقد بات واضحا ان هنالك جهات تحاول الاستثمار في الظروف الداخلية والخارجية لتستمر في نفس النهج والسلوك. ان استغلال بعض الظروف لمحاولة سرقة القرار الشعبي لهو اكبر الجرائم وفيه مخالفة صريحة وضرب بعرض الحائط للمادة الدستورية التي تنص على " الشعب مصدر السلطات".
حفظ الله الأردن من أعداء الخارج وحفظ الله الوطن من السذج والمتغولين على إرادة شعبه
مروان الشمري