كيف اقنعتنا منظمات المجتمع الدولية (الهيومن واتش، والامنستي، والشفافية وعشرات مثلها) ان الفيس بوك والتويتر واخواتها هي مقياس الحرية وحقوق الانسان، وان مجرد المطالبة بمساواتها بالصحافة ووسائل الاعلام الاخرى، انما هو اعتداء على الحريات، وانتهاك لحق الانسان في التعبير عن رأيه.
منذ البداية، منذ ربع قرن ونحن نطالب الحكومات بضبط تفريخ المئات من منظمات المجتمع المدني، القادمة الينا من أميركا وأوروبا.. ضبطها وليس منعها. فهذه منظمات تأخذ اموالا من جهات اجنبية وتنفقها دون الافصاح عن كميتها واوجه انفاقها، وتمارس نشاطات وتنظم مواطنين هكذا دون مرجعية. مع ان قوانين الولايات المتحدة ذاتها تجبر اي متلق لاموال خارجية على تسجيلها ودفع ضرائب الدخل عنها، واذا كنت تتلقى هذه الاموال من بلد (اي بلد) فعليك ان تسجل انك تعمل له (عميل).
هذه المسماة منظمات المجتمع المدني القادمة عبر الحدود هي التي تثور على اي رقابة وطنية على ما يسمى بالتواصل الاجتماعي عبر الانترنت فيس بوك، تويتر واخواتها) وتستجر الضغوط الدولية على البلد الذي يجرؤ على ضبطها بقانون مهما كان القانون «ليبرالياً» ومتسامحاً فالفيس بوك والتويتر هما مرادف للحرية الشخصية ولحقوق الانسان.
الحكومات الضعيفة صدقت الكذبة، ومروجو الربيع العربي صدقوا ان ثوراتهم ناتجة عن التواصل الاجتماعي، في بلد كمصر تبلغ نسبة الامية فيه 37% ونسبة الذين يملكون انترنت لا تتجاوز الـ5%.. صدق الجميع الكذبة حتى صارت داعش تستعمل الشبكة العنقودية وصارت تجند الآلاف للذهاب الى العراق وسوريا.. فبدأنا نلاحظ حجم التحريض وضخ الاحقاد عبر هذه الشبكة، وبدأنا نطالب بوقف اساءاتها لقضية الحرية، وحقوق الانسان، واستقرار الوطن وامنه.
هل كان علينا منذ ربع قرن ان نسكت على اختراق مجتمعاتنا بأجسام مصطنعة، غريبة، ممولة من الخارج؟ هل كان علينا ان نفتح اجواءنا لسموم الفكر المستورد وبؤر الارهاب، ونربط ذلك بالحرية وحقوق الإنسان؟.
نزعم اننا اثرنا القضيتين منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، اولا قضية منظمات المجتمع المدني الممولة والمدارة من خارج الوطن.. ثم قضية خضوع موضوع التواصل الاجتماعي لقانون المطبوعات والنشر، وغير خفي ان كثرة التغيير في هذا القانون ليس الا الهرب من حق الوطن في نقاء العمل التنظيمي، ونقاء الكلمة المنشورة.
الان، يطالب الجميع بتفعيل القوانين الحامية لأمن الدولة، وأمن الافراد، ووقف التخريب الفكري والاخلاقي، فهذه المسماة بمنظمات المجتمع المدني الممولة والمدارة من خارج الوطن، وصفحات هذا التواصل الاجتماعي المنفلتة لا علاقة لها بالحرية وحقوق الانسان، ولا يجوز ان تستمر دون وقفة حازمة.. وإلاّ ضعنا
الراي