قرر صديقنا اليتيم أن يتجسس على سكان حارته القبلية من خلال كشط أسلاك الهاتف المارة من فوق سطح بيتهم الصغير والتي تغذي أكثر من خمسين خطا هاتفيا بسبب توسط منزلهم هذه البيوت .كشط اليتيم تلك الأسلاك وشبكها بجهاز تلفون مزود بكاشف رقم واخذ يتنصت على المكالمات محاولا التعرف على عشاق الحارة واخذ الدروس في فن العشق والغرام وتعلم القليل من كلام الحب والغزل الذي يدور ويتنقل عبر هذه الأسلاك.
وعندما علمت شركة الاتصالات من خلال الشكاوى التي تقدم بها سكان الحارة مشفوعة بتزكية من قبل مختار الحارة وأوصلها أبو العبد بسيارته المية وتسعين بعدما كان سكان الحارة شاهدوه وهو يصعد سطح بيتهم على سلم خشبي دافع اليتيم عن قراره بالتجسس على اتصالات الحارة قائلا انه إجراء قانوني (واللي مش عاجبه يشيل سلكه عن سطح دارنا).
وأعلن اليتيم انه سيرفض إي محاولات لتغيير القرار الذي اتخذه لأنه حر في تصرفه في أجواء منزله مدافعا عن ذلك انه يريد حماية بنات الحارة من أية معاكسات من قبل شباب الحارات الثانية .
وقال اليتيم في دفاعه أمام المختار أبو خماس وبحضور فني شركة الاتصالات انه اتخذ هذا القرار ليسمح لنفسه بمراقبة اتصالات الجيران المشتبه بهم لتفادي حدوث هجمات جديدة من قبل سكان الحارات الأخرى.
وبعد طول مفاوضات عرف اليتيم إن التلفونات الأرضية لم تعد للمغازلات وللمعاكسات بعد دخول الخلويات وإنها أصبحت في عداد الموتى والتراث القديم وكل ما كان يسمعه ((الجارة الفلانية تريد رغيف خبز او راس بصل والمختار يريد من أبي العبد ان يوصله إلى البلدية)) .
وفي المساء وعلى زاوية الحارة تحت شجرة صنوبر سأله صديقه عن السبب الذي دفعه للتجسس دون ان يمنعه احد فقال تقليدا لدبليو جورج بوش.
تقليدا للاجهزة العربية التي تعرف كل ما يقوم به المواطن العربي حتى وجهازه الخلوي مغلق، تعرف عنه عشقه وحبه وكرهه وكلامه وخلواته ولكنها لا تعلم عنه طفره وفقره وحزنه لانه الهواتف مشفرة عن استقبال الفقر والطفر والحزن.
royaalbassam@yahoo.com