الملقي أسرع رئيس يطالب الشارع باستقالته
27-09-2016 05:52 AM
عمون - عن «القدس العربي»: بسام البدارين - رغم أن الإخوان المسلمين في الأردن سارعوا لاستنكار اغتيال الكاتب اليساري المعروف ناهض حتر قبل غيرهم إلا أن أقرباء الراحل ومحبيه وبعض خصوم الحركة الإسلامية سارعوا على بوابة رئاسة الوزراء لإطلاق هتاف جديد في المسيرات الأردنية بعنوان «لا إخوان ولا سلفية… اشتراكية وعلمانية».
مفردة اشتراكية غابت تماما عن الحياة السياسية الأردنية منذ 40 عاما والعواطف المشحونة بعد الانزعاج الجماعي من حادثة اغتيال الصحافي حتر يحاول البعض توظيفها أيضا لصالح خصومات ايديولوجية مع الإخوان المسلمين عشية الانتخابات التي حصلوا فيها على موقع متقدم.
لافت جدا أن هتافات النشطاء، وهم بالمناسبة ليسوا من عائلة حتر وعشيرته المباشرة، يتحدثون عن الاشتراكية والعلمانية رغم عدم وصول أي من ممثلي التيارات القومية واليسارية وحتى العلمانية إلى البرلمان في الانتخابات التي لا يوجد أدلة وقرائن على العبث بنتائجها.
المعتصمون من أجل حتر أمام مقر الرئاسة طالبوا أيضا بإقالة رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي وبعد ساعات فقط من تكليفه ملكيا بتشكيل حكومته الثانية بعد الانتخابات تجاوبا مع الأعراف الدستورية.
المدلول السياسي هنا واضح فصاحب القرار المرجعي لا يرى بأن الملقي مسؤول على أي نحو عن ملف اغتيال كاتب صحافي كبير وبصورة صدمت الرأي العام الأردني بالرغم من الاشكالات والتجاذبات التي كانت تثيرها اجتهادات وآراء الكاتب والمفكر الراحل.
وردد المتظاهرون هتافات ضد تنظيم «الدولة» (داعش)، و«جبهة النصرة»، وهتافات أخرى طالت جماعة الإخوان المسلمين.
وهتف المشاركون «بنحكيها عالهامش لا نصرة ولا داعش»، و«وحدة وحدة وطنية ضد القوى الرجعية»، و»من الجنوب للشمال داعش هي الاحتلال»، و»يسقط هاني الملقي (رئيس الحكومة) يسقط سلامة حماد (وزير الداخلية)»، و«الشعب يريد إسقاط الحكومة»، «»علّي (ارفع) صوتك في عمان يسقط حزب الإخوان»، وغيرها من الهتافات الأخرى.
وورفع المتظاهرون صور الكاتب «ناهض حتر» كتب عليها «الشهيد البطل ناهض حتر، لا للاغتيال لا للعنف لا للتطرف».
العشرات من رجالات الدين الإسلامي ومن قيادات المكون الفلسطيني تحديدا بدأت تزور مقر العزاء وتظهر التعاطف الميداني مع الراحل على أساس أن يد الغدر والخيانة هي التي طالته كما قال رئيس الوزراء الأسبق والسياسي المخضرم طاهر المصري.
حادثة اغتيال الصحافي حتر بدت علامة فارقة في الحياة السياسية الأردنية تسعى الحكومة للتعامل معها بدون تضخيم المسألة وهو ما لا يعجب بالضرورة كثيرين حتى من قادة العمل السياسي الإسلامي الذين يرون بأن مظاهر التقصير في حماية حتر لا يمكن اخفاؤها ولا تأمين الحراسة الجيدة له خصوصا وأنه تعرض لحملات من التحريض والكراهية.
أخلاقيا وأدبيا يمكن تفهم المشاعر السلبية عند آل حتر والمثقفين المسيحيين وحتى عند العديد من النشطاء فيما يتعلق بانتقاد الحكومة وتحميلها المسؤولية حيث أن استجواب حتر وسجنه قبل مقتله كان بقرار من وزير الداخلية سلامة حماد وبإسناد من الرئيس هاني الملقي، لذلك تعالت في الاعتصام أصوات المعترضين وهي تطالب باستقالة الملقي وحماد.
أغلب التقدير، وفي ظل الملفات الجدلية والأمنية العالقة وترتيبات تشكيل الحكومة الجديدة، فإن الوزير حماد في طريقه لمغادرة موقعه لكن حجم الاتهام للملقي لا يبدو حتى اللحظة سببا في إقالة الملقي بالنسبة لمؤسسات القرار العليا ليس فقط لأن الدولة لا تريد الإيحاء بأنها توافق على الانفعالات العاطفية التي تحمل الحكومة مسؤولية أول حادثة اغتيال سياسي تشهدها البلاد في تاريخها المعاصر.
ولكن أيضا لأن اغتيال حتر في مقايسات مؤسسة الأمن الأردنية لا يتعلق بشخصه بقدر ما يتعلق برسائل إرهابية ومتشددة موجهة في المقام الأول للدولة الأردنية وليس لحتر نفسه.
في السياق توسعت المطالبات بمحاكمة المحرضين المتشددين دينيا على دورهم في التحريض ضد حتر أصلا عندما بدأت قضيته، ثم دورهم في الشماتة أو إظهار الاحتفال بمثل هذه الجريمة التي زاد وقوعها من مظاهر القلق الأمني في أوساط جميع الأردنيين.
وعندما يتعلق الأمر بالفئة المحرضة بالتوازي مع بعض المعلومات المتسربة عن هوية وخلفية قاتل الصحافي حتر يمكن القول بأن الرجل في المرجح حتى الآن ارتكب جريمته بدافع من خلفيته كأحد عناصر التيار السلفي الجهادي وليس بصفة تنظيمية مباشرة.
هنا تحديدا برز التداول لتعليق تقدم به أبرز منظر سلفي جهادي في الأردن وهو الشيخ أبو محمد المقدسي، الذي لم يتطرق لمسالة حتر، لكنه نشر تعليقا يتحدث عن ضرورة عدم إظهار الفرح بمقتل أي كافر دون إظهار الأسى أيضا على مقتل الكفار.
يتضح من هذه العبارة الخبيثة تصنيف المقدسي للراحل حتر باعتباره من فئة الكفار وهو أمر سانده الناشط في التيار الجهادي السلفي والمدعو أبو سياف محمود الشلبي عندما اعتبر قتل حتر أمرا كان متوقعا.
ولم تعلن أي جهة حتى اللحظة مسؤوليها في مسألة حتر لكن المكون المسيحي وصل إلى مستويات غير مسبوقة من القلق والانزعاج والسلطات مستمرة في التكتم على التفاصيل.