ذهب ناهض إلى قصر العدل ليدفع عن نفسه تهمة التعرض للذات الإلهية، فخرج له الارهاب بالرصاص كما يخرج كل صباح على اهل حلب، وبغداد، وصنعاء وطرابلس.. فالقتيل دائماً هو العربي.
تذكرت وناهض يتهاوى على درج قصر العدل، صورة وصفي وهو يتهاوى على درج الشيراتون في القاهرة. فناهض كان يسكنه الشهيد، وكتب عدداً من الكتب، والبحوث عن هذه الشخصية البطولية العظيمة، ومهما اختلف الناس في فهم ناهض حتر إلا أن الجميع يلتقي على أردنيته، وولائه المطلق له.
والكل يخاف الفتنة، لكن على الأردنيين ان لا يخافوا.. فلا حاضنة لها في بلدنا، هناك دواعش كثيرون، وهناك تحريض دائم عليها، لكن لا حاضنة للطائفية، او العشائرية، او المذهبية عند الاردنيين الاصلاء الراضعين من أثداء الوطن، والمقاتلين من أجل حياته ونظامه السياسي وأرضه وسمائه.
التواصل الاجتماعي لا يصنع فتنة، فللفتنة جذور لا تصل اليها قشرة الحضارة. لقد نبهني مرة احد متابعي التواصل الى ان فتاة، ومن مادبا قالت انني بورجوازي قذر. وتطلعت الى خلقتي فلم اجد فيها البورجوازي – وهذه في بلاد الدنيا ليست شتيمة – ووجدت ان الذي يتلو فعل الايمان بالوطن لا يمكن الا ان يكون نظيفاً.
القاعدون عن حقائق الحياة يعاقرون التواصل الاجتماعي، لانه حالة تلقٍ مستمرة، وحين كانوا يقولون: ان ثورة الربيع العربي كانت تبدأ من الشبكة العنقودية كنا نضحك فالثورات في العالم: ثورة فرنسا وثورة اكتوبر الاشتراكية لم تكن وليدة الانترنت. وفي منطقتنا كانت الثورة العربية، وثورة عام 1919 المصرية، وثورة الجزائر وفلسطين، وثورة سلطان باشا.. تبدأ بشيء آخر، حين كان اكثر الناس لا يقرأون ولا يكتبون،.. فالثورة هي حالة تمزق الكيان القديم وظهور كيان جديد اساسه الحرية والكرامة.
مرة، زارني في صحيفة الشعب ابن علي خلقي الشرايرة وكان له مطلب، ودون مقدمات اخرج من حقيبته دفترا مدرسيا قديما قال انه «الجزء الاول» من مذكرات والده الوطني الاردني, فهاتفت ناهض حتر واطلعته عليه، فأخذه وقدم لي وللقراء القلة من «الشعب» دراسة عظيمة عن هذه المذكرات ولعل اهم ما كان فيها القصة التالية:
..ونحن في حكومة عجلون وكانت تضم أربد - هكذا يكتب علي باشا - قرّرنا استملاك ارض قريبة، وذلك لاقامة جامعة سنسميها جامعة اليرموك لأبناء الاردن والعرب؟!.
وفعلاً كانت هذه الأرض المستملكة «مستنبت اربد».. وصارت جامعة اليرموك.
.. كان ناهض هو الذي استل من «الجزء الأول» من المذكرات.. هذه المعلومة.
الراي