حدث ما حدث ووقعت الجريمة بمقتل المواطن الاردني ناهض حتر على عتبات قصر العدل بينما كان في يد العدالة , في بلد يسعى حثيثا إلى تجذير دولة المؤسسات والقانون , والإحتكام إلى القضاء وحده، في حسم أي خلاف أو إختلاف في الرأي , تجسيدا لسلطة الدولة وحضورها , وخضوعا من الجميع بلا إستثناء , لسلطة القانون والنظام العام .
خمس سنوات مضت حتى الآن من عمر الكارثة المدمرة والمروعة المحيطة بنا وببلدنا من كل جانب , ورأسنا جميعا في هذا البلد مطلوب أيا كان ديننا وأصلنا وفصلنا ! , والفتنة تحوم حولنا وبإصرار , ولقد أعاننا الله حتى الآن على طردها عنا , وجميعنا بلا إستثناء , وبرغم ما نواجه من أعباء الحياة على قسوتها , راضون وسعداء بأمننا وإستقرار بلدنا وسط عاصفة هوجاء من بحور الدماء والقتل والتشرد والدمار! .
اليوم وعلى وقع الجريمة المدانة تطل الفتنة السوداء لتجد من قد يسعى لإثارتها بوعي وبغير وعي , ليجعل من هذا البلد لا قدر الله , ساحة للفوضى التي لن تبقي ولن تذر إن لم تجد من يصدها ويئدها ويبعد عنا شبحها ونارها وأذاها ! .
كل الاردنيين على إختلاف مشاربهم وعقيدتهم وفكرهم ورؤاهم واجناسهم , مطالبون اليوم دينيا ووطنيا وقوميا وإنسانيا ووجدانيا , بالوقوف في وجه الفتنة ومروجيها والساعين لها في الداخل والخارج على حد سواء , وعليهم ولهم جميعا التيقن من حقيقة أن رؤؤسنا كلنا مطلوبة , ونحن بين خيارين , إما أن نسلمها للفتنة والفوضى , أو أن نصدها عنا بوحدتنا وتلاحم صفنا تاركين للدولة وللقضاء مواجهة الموقف بما يستحق ! .
فاخرنا الدنيا دوما بنعمة التعايش في بلدنا , وبالأمس كان الملك رأس الدولة يخاطب العالم مزهوا بنا وبخاصية التحضر والسلم الإجتماعي والتعايش الديني الذي به ننعم , وهذا تفاخر يجب أن يستمر ما دامت الحياة , إذ لا طائفية هدامة ولا عنصرية بغيضة يمكن أن تنفذ بين صفوفنا ! .
نحن جميعا مسلميين ومسيحيين ومن كل أصل وفصل ومنبت , موجودون اليوم على المحك , والعيون الكثيرة في الجوار وبعيدا عنا ترقب حالنا , بعضها مشفق وبعضها حاقد يتمنى لنا غير ما نتمنى !, فلنكن الأوفياء لبلدنا كعهدنا دوما , ننبذ الشر والاشرار من بين صفنا , نتشبث بوحدتنا وبسلامة أمننا , نقول للدنيا أننا وبالفعل أقوى وأصلب من أن يخرق صفنا شر أو شرير أيا كان , وأن دولتنا راسخة ووطننا آمن مستقر .
بلدنا الحبيب أمانة في اعناقنا جميعا , ولا عذر ابدا لأي متخاذل عن الوفاء الصادق الصلب بها , ولا عذر لأي متهور ساذج يمكن ان يسعى بخبث او ضلال إلى تأجيج الموقف وتأليب أردني على أردني آخر لغاية شريرة , فلا مكان بيننا لنفر مثل هذا أبدا ! الفتنة نائمة وستبقى نائمة , والسلامة للأردن بعونه تعالى , رحم الله ناهض والعزاء لأسرته الكريمة وذويه الكرام , والله جل في علاه من وراء القصد .