جرت الانتخابات البرلمانية، وهذا بحد ذاته، إنجاز وطني كبير ونادر, عطفا على الواقع المر الدامي في محيطنا وإقليمنا، ومن الطبيعي جدا ان تشهد الانتخابات وما بعدها إحتجاجا هنا وغضبا وعتبا هنا أو هناك، وهذا يحدث دائما في سائر أرجاء المعمورة، وفي أعرق دول الارض حضارة وديمقراطية.
شاركنا في الانتخابات وبقوة، ومن منظور وطني غيور على البلد وسمعته في القريب والبعيد، ولهذا نبارك لمن فاز، ونتمنى حظا أوفر لمن لم يحالفه الحظ، سواء أكان ممن تمنينا فوزه ولم يفز, أو من فاز ولم ننتخبه أصلا، فهم جميعا أبناء وبنات هذا الوطن العزيز.
يجب أن توحدنا الانتخابات ونتائجها أيا كان رأينا فيها، فنحن نتحدث عن وطن وشعب ودولة ومستقبل يصنعه حاضر، ولا بد للانتخابات من ان تكون محطة نتوقف عندها طويلا بالتحليل وبالقراءة المتأنية لإستخلاص العبر، وبالذات على صعيد إحداث التوازن المطلوب في دولتنا ومجتمعنا، وتحفيز أكبر حالة من المشاركة الشعبية في صنع القرار، ففي ذلك الضامن الاهم والمطلوب وبقوة لاستقرار بلدنا، وتعزيز قدراته في مواجهة التحديات على جسامتها، في زمن صعب مشحون بالمفاجآت ومرعب بإمتياز!
لا جدال أبدا في أن ما جرى كان إنجازا وطنيا رائعا على مختلف الصعد، برغم ما خالطه من هنات ومشكلات، وهو إنجاز يمكن أن نتعامى عن ظروفه ومخرجاته ودروسه ويمر مرور الكرام!، ويمكن في المقابل أن نجعل منه محطة مفصلية لإعادة ترتيب ظروفنا وواقعنا وحشد شعبنا كله أكثر واكثر حول الوطن والعرش والدولة، وتعزيز ثقة الشعب بالدولة وبقراراتها العادلة والصائبة، بعيدا عن منطق الشللية والمحسوبية والتنفيع، وما شابه من سلوكيات لا تخدم سوى أصحابها على حساب الوطن ومصالحه العليا ومستقبله!
الانتخابات التي جرت "درس" مهم جدا لكل مهتم بالأردن وشؤؤنه، وبمقدورنا إستيعابه بكفاءة وذكاء، وبمقدورنا إهماله إن أردنا، وبالطبع فأمر ذلك كله أو جله، هو في أيدي صناع القرار قبل سواهم، والخلاصة ان شعبنا نابه محترم وذو أهلية عالية لإلتفاف أقوى حول الوطن والقيادة والدولة، برغم الفقر وكل شكوى وتذمر وعتب وحتى غضب، إن نحن تصرفنا بحكمة ووطنية لا ترى عينها غير الوطن ومصالحه العليا والعامة للشعب.
يشكر كل من أدى دورا في إنجاح هذا المنجز الوطني الكبير، رسميين ومواطنين ورجال أمن على إختلاف إختصاصاتهم ورتبهم، ومبروك للاردن ولشعبه ولقائده . الاتخابات حدث مهم جدا، لكن الدرس المستخلص منها، أهم، والله من وراء القصد .