إنقضت الإنتخابات إعدادا لبرلمان رقم 18 , ونجح من نجح ورسب من رسب , الناجحون هللوا وشكروا الجمهور وكالعادة من صوت لهم ومن لم يصوت وليس بالضرورة أن يعرفوا من كان معهم ومن لم يكن , فالإنتخابات بالنسبة لهم محطة أوصلتهم الى المجلس وقد أصبحوا نوابا للجميع .
الخاسرون شكروا أيضا بدرهم جميع من وقف معهم وعلى مضض ذكروا من لم يؤازرهم وكالعادة سيعيدون الكرة , لأن ثمة معيقات إعترضت فوزهم , ومن وجهة نظرهم نزاهة الناخب وليس نزاهة الهيئة المستقلة , لكن على ما يبدو أن هناك مساحة واسعة للتشكيك , فالمال السياسي ومن تحرك نحو الصناديق فقط هو من قبض !!.
أعجبتني مقولة كتبها الكاتب المصري الساخر الراحل جلال عامر «لا تصدق العريس في الخطوبة.. ولا المرشّح في فترة الدعاية»..
مضت الإنتخابات على خير الا من منغصات هنا وهناك ولحسن الحظ لم ترتكبها الحكومة ولم تقترفها الهيئة المستقلة للإنتخاب ولا قوى الامن بل الناخبون هم من فعلوها , لكنها مضت على خير وبركة , ونحن إذ نبارك لمن فاز بثقة الناخبين , نذكر أيضا من سعى الى هذه الثقة , فله أجر إن كانت نيته أن يخدم, ونأمل ممن نجح أن لا يغير رقم موبايله وأن لا يغيب عن ناخبيه حتى لو أنه أرضاهم خلال عملية الترشح و فهم من أوصلوه الى البرلما وخدمتهم واجبه , ونرجو منه أن لا ينام تحت القبة وأن لا يغيب عن الجلسات وأن يقرأ القوانين والأنظمة والأهم أن يضبط أعصابه ولا يشتم ويضرب ويصيح.
ستعود مهن بعينها الى حالة كساد وسبات بعد إنتعاش دام 20 يوما , نبشر بائعى الحلويات وطباخي المناسف بكساد مقبل ، كذلك الخطاطين والمصورين وأصحاب الخيم وغيرها من المهن الهامشية , بالمناسبة هناك مهن تظهر كل أربع سنوات وتختفي قبل أن تستيقظ مرة أخرى بصراحة كانت فرصة لـ»الكسب المريح» عبر مستفيدين كثر، أبرزهم الخطاطون وشركات الدعاية، والسائقون هي حالة نادرة لم تخلو من شيء من الكوميديا في الهواء الطلق
بشرى سارة لقد نجحت المزهرية كما ظهرت في صور لقائمة إنتخابية , لقد صوت الناخبون للورد وهو إكتشاف مذهل أننا شعب نحب الورد بشتى ألوانه ونعشق الحدائق ونعشق الياسمين , لكن للأسف لم تنجح صاحبة البرقع في قائمة أخرى ’ ببساطة لأن الناخب لم يتعرف عليها ولم يستدل على هويتها , لأننا ببساطة نحب الوضوح والشفافية ولا نعشق أفلام الغموض , بيد أن أطرف ما سمعت من فم أحد المرشحين في خطبة عصماء قال فيها أن الناس يحتاجون نائباً يرى ويسمع ويتكلم على وما ينقص كان أن يرمز لقائمته بحكمة «القرود الثلاثة».. ومرشح أخر كاد أن يعد الناس بأن يمنحهم مقعداً فى الجنة إذا منحتوه مقعداً فى البرلمان وقد كنت أتمنى أن تتشدد الهيئة في حظر استغلال الدين في الترويج والدعاية الإنتخابية حتى في الشعارات والخطب , فما كان يحتاجه الناخب هو برامج تطمئنه على مستقبله ومستقبل أبنائه وأكثر تجعله مطمئنا الى أنه إنتخب الأصلح ، إلا أن المظاهر لم تخلو من تسابق فيها مرشحي التيارات الدينية على كل ماهو مثير ومضحك ومؤسف .
أيها الناخبون المواطنون هلموا الى مقرات الناجحين , فالكنافة الساخنة الشهية ستقدم على مدى الأيام الثلاثة المقبلة و فقد سكت الكلام وجاء دور الطعام والحلويات .
ايها الناخبون هلموا لتروا ما صنعت أيديكم , وستجدون عند كل مقام كل ما تشتهون , هي ثلاثة أيام من المباركات والتهليل والأهازيج , قبل أن يختفي العريس وينشغل بهموم الأمة تحت القبة وخارجها وعلى أبواب الوزراء وفي مكاتب الأمتاء وخلف زجاج رؤساء مجالس الإدارات .
هل من كلام أخير .. . لن أخفي الحسرة على منسوب الثقافة والوعي ولكنني سأفصح أن ما قاد الى تسيد مثل هذا المنسوب من الضحالة هو جمهور الناخبين أنفسهم , دعوني أقول لكم كيف ولكن بلغة سهلة وميسرة .. إنتخب الأصلح الى أن يحدث العكس لكن لا تعيد الكرة زغلا لفزت بلقب .. التكرار يعلم الشطار .
الراي