مجلس نيابي جديد قادم لمدة اربع سنوات قادمة ، ربما تكون على درجة عالية من الأهمية والخطورة والأثر الكبير في صياغة المرحلة القادمة التي تشهد تغيرات سياسية حقيقية ، وتحولات مثيرة على صعيد اعادة التوازنات الدولية والاقليمية ، مما يحتم على الشعب الأردني أن يمارس حضوره ودوره من خلال مجلس النواب أولا ؛ ومن خلال الحكومة في الحفاظ على استقرار الدولة الأردنية وتعظيم دورها السياسي في وسط اقليم ملتهب .
النواب القادمون ينبغي أن يدركوا منذ اللحظة أنهم أصبحوا ذوي أحمال ثقيلة من خلال تطويق أعناقهم بثقة الشعب الأردني الغالية ، مما يحتم عليهم الانتقال من مربع الذات والعشيرة والقرية والمنطقة والحزب ، الى مربع الوطن الواسع الذي يمثل الأردنيين جميعا ، لأن النائب منذ لحظة فوزه بالمقعد النيابي أصبح ممثلا لكل الأردنيين بكل شرائحهم وأديانهم وأفكارهم واتجاهاتهم السياسية ، ولم يعد النائب ممثلا لعشيرة أو فئة لا حتى حزبا سياسيا ، حتى لو جاء عن طريق العشيرة أو الحزب .
النواب ينبغي أن يشرعوا في تحسين سمعة المجلس وترميم مكانته ، واعادة هيبته التي تم الانتقاص منها كثيرا خلال الدورات السابقة بفعل بعضهم الذين اتخذوا من المجلس أداة لخدمة مصالحهم الشخصية ، أو من خلال بعض التصرفات المشينة التي هشّمت سمعة المجلس ونالت من صورته أمام الشعب الأردني ، بل أحيانا وصلت الاساءة الى وجه الأردن وسمعة الدولة الأردنية أمام العالم ، وما زالت وسائل الاعلام تتناقل صورا فكاهية مؤلمة لبعض اللقطات الهزلية المضحكة والمسيئة في الوقت نفسه .
الناخبون ينبغي أن يعلموا جيدا أن دورهم لم ينته بمجرد الادلاء بالصوت ، بل ينبغي عليهم أن يواصلوا دورهم في المتابعة والمراقبة لأداء النواب الذين وضعوا فيهم ثقتهم ، من خلال تشكيل لجان مراقبة طوعية عبر مؤسسات المجتمع المدني ، وينبغي على كل عشيرة وكل قرية أن تشكل من أبنائها لجانا للمراقبة وتسجيل الملاحظات على الذين ذهبوا الى المجلس نيابة عنها ، فهم ليسوا ملكا لأنفسهم بل انهم أصبحوا ملكا للوطن و الشعب الأردني .
هناك مسؤولية أخرى تتعلق بالدولة والحكومة ومؤسساتها اذ ينبغي عليها الاسهام في تطوير عمل المجلس المؤسسي وتطوير اداء النواب من خلال التعاون في قيادة المجلس ، ولذلك يجب تشكيل مكاتب خبرة تابعة لكتل النواب تزودهم بالمعلومات والدراسات والخبرات ، وموظفين متفرغين من أجل تزويد النائب بكل ما يساعده على تحسين أدائه وتقديم الخدمة الأفضل للشعب والناخبين .
علينا جميعا أن ندرك ان النيابة ليست مشيخة ولا وجاهة ، وليس طريقا لتقضية المصالح الشخصية ، او البحث عن المكاسب الفردية والعائلية ، بل هي ضرب من ضروب المشقة المصحوبة بتحمل المسؤولية الوطنية بكل احترام وتقدير ، وبناء على هذا الفهم وهذا الادراك ينبغي ان يقل التكالب عليها ، ويقل منسوب الحرص على تكرارها مرة ومرة ، ولذلك أصبحت ميالا للرأي القائل بضرورة اكتفاء النائب بالفوز دورتين فقط حتى يتسنى المجال لقيادات أخرى وشباب اخرين لتقديم ما لديهم من جديد في خدمة وطنهم وشعبهم .
الدستور