كيف استطاعت كوريا الشماليه تمويل انتاج اسلحتها النووية رغم فقرها؟
محمد مناور العبادي
22-09-2016 11:29 AM
كوريا الشمالية هي الدولة الوحيدة الفقيره في العالم التي تنتج اسلحة دمار شامل ترهب بها العالم، رغم انها حسب تقارير الامم المتحده تعتبر شعبها من اكثر شعوب الارض فقرا وبؤسا ، لكنها تخصص في نفس الوقت قرابة ثلث ناتج البلاد القومي الاجمالي لميزانيتها العسكريه ، التي بلغت العام الماضي اكثرمن عشرة مليارات دولار، تنفقها على بناء ثاني اكبر جيش في العالم –اكثر من مليون مقاتل - وتصنيع قنابل نووية، كما انها تخصص 40 % من موازنتها السنويه للاعلام الداخلي، لتمجيد الزعيم كيم جونغ اول المعزول عن العالم.
فكيفت استطاعت القيادة الكوريه توفير الاموال اللازمه لذلك ، رغم الحصار الدولي المفروض عليها؟
لم يجد حزب العمل االحاكم وسيلة تمكنه من تحقيق ذلك الا على حساب شعبه داخل وخارج كوريا .
ففي داخل كوريا، حرم شعبه من جميع وسائل الحياه العصرية ووظف كل قدراته لبناء ترسانه للاسلحه النووية والبالستيه ، ترافق ذلك مع بناء نظام ديكتاتوري قمعي – لا مثيل له في التاريخ - لارهاب شعبه ، ليضمن صمته عن سياساته ، فاعتقل قرابة المائتي الف مواطن ،وزج بهم في معسكرات للاعتقال، لاشبيه لها في التاريخ ، دون خشية من المجتمع الدولي، الذي لم يواجهه بجديه ، مما جعله يواصل سياسات انتهاك حقوق الانسان في بلاده ، وتهديد العالم بترسانته النووية .
وتوصل الى طريقه مذله لينوب عنه العالم في رعاية شعبه ، فاستعان بمنظمات الاغاثة الدولية لانقاذ شعبه من الاعاصير او الفيضانات او الكوارث الطبيعيه والجوع والمرض وسوء التغذيه ، حتى اصبح في بلاده 13 منظمة اغاثة دولية تعمل على رعاية و مساعدة مواطنيه، قبل ان يموت منهم مئات الالاف جوعا ومرضا، كما حدث في فترات سابقه. .
وازاء مواصلة الزعيم الكوري مغامراته العسكريه، وبعد ان لم يبقى لشعبه شيئ يقدمه له ، عقد اتفاقيات رسميه دولية بطرق احتياليه مع اكثرمن 25 دولة ، لتزويدها بالعماله الكورية الرخيصة ،في مجال المقاولات الانشائيه والمطاعم والخدمات وتكنولوجيا المعلومات ، والتي تقبل العمل في اسوأ الظروف وباقل الاجور، شريطة حصول الحزب الحاكم على نصف او ثلثي الدخل الذي يحصل عليه هؤلاء العمال ، فارسل تطبيقا لهذه الاتفاقيات اكثر من خمسين الف كوري -ويقال اكثر من ذلك -للعمل في اسيا وافريقيا وسط ظروف عمل قاسيه للغاية وساعات عمل طويلة، مما ادى الى موت العشرات منهم اوانتحار بعضهم . وتمكن من خلال سياسة بيع البشر هذه، الى الحصول على مبالغ ماليه ضخمه تتراوح بين1.2 -2.3 مليار دور سنويا استغلها في الانفاق على برامج بلاده لتطوير اسلحة الدمار الشامل والاسلحه النووية
ولم يكتف بذلك لحاجته الماسه للمال لتمويل ملذاته وبرامجه العسكرية ،فاوعز بتاسيس مطاعم كوريه شماليه خارج بلاده تحول ايرادتها الى مكتبه الخاص . فاسس بذلك قرابة 130 مطعما في العديد من دول العالم ، يجني منها قرابة العشر ة ملايين دولار سنويا ، حيث يعمل بها كوريين شمالين باجور رمزيه ويعيشون حياة قاسيه مثلهم مثل جميع الكوريين الشمالين في العالم .
, كما نشطت حكومته في بيع السلاح باسعار رخيصه لمن يطلبه من دول ومنظمات في جميع انحاء العالم ،غير عابيء باستخدام السلاح، فاجج الروح العداونية في العالم ـ ونشر الفوضى ، وباع الاسلحه المحرمه دوليا ونشرها في الارض ,
وحين بلغ السيل الزبي بشعبه بدات عمليات الهروب الجماعي رغم البطش حتى قدر عدد الهاربين من كوريا الشماليه الى الجنوبية وحده قرابة 29الف شخص بعضهم ضباط في الجيش والمخابرات ومن الدائرة الضيقه حول الزعيم ومن المؤسسات الرسميه الكوريه الشماليه داخل وخارج كوريا حتى دبلوماسيو بلاده . واخر من لجا منهم الى سيئول الوزيرالمفوض في سفارة كوريا الشماليه في لندن تيه يونغ هو وجميع افراد اسرته ، كما لجأ 13 من العاملين في مطعم كوري في الصين جميعهم من السيدات ماعدا واحد . اخرون انتحروا بعد ان شعروا انهم اصبحوا عبيدا للنظام مقابل – لقمة الخبز-
وهكذا اكتشف العالم مؤخرا هذه الحقائق الرهيبه ، ولكن بعد ان اصبح النظام الكوري الشمالي يملك القوة اللازمه لتدمير العالم بقرار غير مسؤول قديصدره في اية لحظة الزعيم الشاب المتهور ، فتحرك اصحاب القرار في العالم وطالبوا المجتمع الدولي بعدم المساهمه في جرائم النظام الكوري الشمالي ، ووقف استضافة العمال الكوريين الشماليين في دولهم، او ارتياد المطاعم التي انشاها النظام في الخارج ،او عقد صفقات اسلحه سريه معه
فهل يتحرك العالم جديا هذه المره ويضع حدا لتدفق المال الاسود على النظام الكوري الشمالي ، الذي يستغله في نشر الفوضى والاضطرابات في العالم وانتهاك حقوق الانسان في داخل بلاده .
لقد وعى الاردن ذلك منذ فترة طويله فالغى الراحل الملك الحسين عقدا نظمته امانة عمان حينذاك مع شركة كوريه شماليه لتصميم تماثيل للملك ، حين اراد بعض الساسة الاردنيين التقرب من جلالته ،بنشر تماثيل له في المملكه، والغت اللجنة الاولومبيه الاردنيه عقدا مع فريق رياضي كوري شمالي، بعد ان اقام سنه في الاردن، لم يقدم خلالها شيئا، كما توقفت حركة استيراد اي نوع من البضائع بين البلدين ، واغلقت سفار ة كوريا الشماليه في عمان وجمد الاردن الاتفاقيات المعقوده مع كوريا الشماليه سابقا
لقد قدم الاردن النموذج للعالم حين استكشفت قيادته ومذ سنوات طويله خطر النظام الكوري الشمالي لقناعة الاردن ان النظام الذي يذل شعبه ويهديد البشريه بالدمار ، لايستحق ان يتعامل معه احد ، انتصارا للحق ولشعب كوريا الشماليه المضطهد والمظلوم ، والذي يعاني اكثرمن اي شعب في العالم ديكتاتورية شرسه غير مسبوقه في التاريح المعاصر .
* صحفي وباحث متخصص بالشؤون الكوريه