هل خسرنا باجراء انتخابات نزيهة؟
حسام عايش
22-09-2016 10:11 AM
بالأمس أثبت الأردن أنه دولة مؤسسات وهو يجري الانتخابات النيابية بنزاهة وشفافية، وبكل حرية، وبتنظيم يرقي الى المستويات العالمية، ما يؤكد ما نقوله دائما إن الشعب الاردني مؤهل تحت قيادته لإظهار بصمته الديمقراطية الفارقة في هذا الاقليم إذا توافرت الارادة، فهل خسر الأردن والشعب الأردني والدولة الأردنية من إجراء انتخابات نزيهة؟ بالتأكيد لا، فهي ستكون عامل قوة في مواجهة المخاطر والتحديات، لذلك لا يجوز العبث بإرادة الناس، ومكاسب الوطن، لمجرد أن حكومة تخشى مجلسا نيابيا فاعلا، فهذه الحكومة لا نريدها؛ لأنها إذا كانت غير قادرة على مواجهة رقابة مجلس نيابي؛ فكيف ستكون قادرة على مواجهة تحديات مستمرة ومتغيرة وتزداد خطورة.
ورغم ما يمكن تعداده من مثالب وعيوب في القانون الانتخابي الذي يحتاج لتعديل يضيف اليه مزيدا من التطوير لرفع سوية العملية الانتخابية، فإن الأهداف المتوخاة من هذه الانتخابات قد تحققت وفي مقدمتها تكريس الاستقرار، والعودة للمواطنين لأخذ رأيهم، ومشاركة كل مكونات المجتمع فيها، في الوقت الذي كان يمكن حدوث العكس تماما في دول أخرى تعيش ظروف الأردن الداخلية والاقليمية؛ والتي ربما كانت ستستغلها كأسباب لعدم إجراء الانتخابات أصلا، أو إجرائها بقيود صارمة، أو حتى التلاعب بنتائجها خدمة لتوجهات معينة أو عبثية.
ما يعني أن التحجج بالظروف الخاصة لعدم إنجاز الواجبات المطلوبة في غير محله؛ وهي حيلة العاجز، فالظروف الخاصة تبرز معدن الدول والشعوب والحكومات بقدرتهم على الانجازفي ظل وجودها، وهو ما يحسب لقائد البلاد الذي اتخذ القرار، ووجه الجميع للالتزام بإجراء الانتخابات وفق مقاييس ديمقراطية ذات جودة رفيعة؛ معاييرا، واداء، ومتابعة، وشفافية، ونزاهة، لتكون النتائج سلاح الأردن الأقوى في مواجهة تهاوي شرعيات الدول والحكومات من حولنا.
نحن اليوم بحاجة لتطوير نظامنا البرلماني ليكون معبرا عن تطلعات شعب شاب يرتقي سريعا لاحتلال مكانته التي يستحقها بقيادته الهاشمية المستنيرة؛ بحيث لا تكون هذه التجربة الانتخابية لمرة واحدة ثم نعود من جديد لنخترع حجج طي صفحتها، بل لأن تكون قاعدة الانطلاق لتنظيم العملية السياسية نحو حياة حزبية وازنة، لارساء متطلبات تداول السلطة على قاعدة السياسات والبرامج، لا على قاعدة هذا أحبه وهذا لا أحبه.
سيندم كل من لم يشارك بالإدلاء بصوته في هذه الانتخابات -وان كنت التمس له بعض العذر- لأن صوته كان سيغير بخطا أسرع نحو الأفضل؛ خصوصا وأن هذه الانتخبات كانت لاختبار النوايا وقد نجحت الاطراف المعنية فيه؛ فيما بقيت غالبية من المواطنين متشككين حيال نتائج العملية الانتخابية، وهو ما يستوجب على الحكومات ومجلس النواب والاجهزة المعنية عمل المزيد من الجهود النوعية لاستعادة ثقتهممن خلال الجدية في الطروحات، والرقابة الأنجع على الاداء والتشريعات، ومراعاة أدق للظروف المعيشية والاحتياجات المدنية، فنحن في هذا البلد لانملك ترف التذاكي على الناس، والتذرع بحجج الماضي لاسقاطها على الحاضر والمستقبل للعودة عن كل إنجاز إيجابي، فسلاحنا من أجل حياة افضل أن نبقى في معركة بين النجاح وبين المزيد منه.