لا اعرف الصحافي البريطاني ألن جونستون شخصياً, لكني أعرف من ملابسات اختطافه في قطاع غزة, انه صديق للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني وإلاّ من اين ستأتيه الجرأة للذهاب الى القطاع والعمل مراسلاً لـ بي.بي.سي.لولا شعوره بانه يغامر من اجل مبادىء انسانية وانه بين شعب يشعر بالتضامن معه ومع قضيته لكان الن جونستون قد فضل ان يعمل في ادغال افريقيا على ان يعمل في بلد يعرف انه متخم بالسلاح وبالرجال المسلحين وبالتنظيمات المختلفة. وايضاً يدرك انه يمكن ان يقتل بغارة اسرائيلية او بصاروخ اسرائيلي او حتى ربما بشظية قنبلة, وهو يعيش فوق ارض حوّلها الاحتلال الاسرائيلي الى ساحة اختبار لقتل الفلسطينيين, وممارسة اساليب اضطهادهم واذلالهم وتجويعهم وفرض الحصارات الخانقة عليهم.
عندما كان الن جونستون يتنقل بسيارته الشخصية بين منزله ومكتبه, لا شك بانه كان يشعر بالثقة والامان بوجوده بين الفلسطينيين, وإلا ما الذي يجبره على ان يكون وسط شعب غاضب من الامريكيين ومن الاوروبيين الذي ينتمي اليهم, ومن بلير بشكل خاص بسبب مواقفه, التي ايدت حصار الفلسطينيين وتغاضت عن الاحتلال واساليبه الوحشية ومعتقلاته ومستوطناته وجداره العنصري العازل.
لهذا كله أَنضمّ الى الصحافيين الفلسطينيين المتعاطفين والمتضامنين مع الصحافي البريطاني الن جونستون. واطالب مختطفيه بان يتقوا الله في شعبهم وقضيتهم ويتوقفوا عن مثل هذه الاعمال التي تفرح قلوب الشين بيت والموساد وجميع الذين يتربصون بالفلسطينيين, من أجل ان يخدموا الصورة التي يسعون الى ترويجها منذ انطلاق انتفاضة الاقصى قبل 6 سنوات, صورة اسرائيل الضحية, التي يهاجمها "الارهابيون" الفلسطينيون, الذين يقتلون ويخطفون المدنيين.
خلال عقود النضال الوطني الفلسطيني الطويلة, شاهدت وتعرفت الى العديد من الاطباء, ومن العاملين في منظمات الصليب الاحمر ومنظمات التضامن وتقديم العون للفلسطينيين في مخيمات لبنان اثناء الاعتداءات والاحتلالات الاسرائيلية, كانوا رجالا ونساء في عز شبابهم, جاؤوا من السويد ومن النرويج ومن فرنسا ومن امريكا ومن ايطاليا من اجل تضميد جراح فلسطيني او رعاية اطفال اسرة فقدت معيلها. كانوا يجازفون بارواحهم ويعيشون في اخطر واصعب الظروف من اجل خدمة القضية الانسانية التي يؤمنون بها, كانوا متوفرين دوما, عند غياب الاطباء العرب او حتى منظمات العون الانساني العربية.
الن جونستون بالتأكيد ينتمي لهذا الصف الانساني الطويل, فالاعلام سلاح فاعل لنصرة الشعوب التي تقاوم الاحتلال. لهذا اطالب خاطفيه بان يدركوا حجم الضرر الذي يلحقونه بقضية فلسطين وشعبه وان يسارعوا الى اطلاق سراحه, والا فان الشبهات تدور حول غرضهم من خطف الصحافي, وهي انهم يخدمون جهات غير فلسطينية وعلى حساب سمعة نضالهم او "جهادهم". وحتى ايران ستحصل على ثمن من احتجازها للبحارة البريطانيين, لكن انتم ما هو الثمن الذي تريدون الحصول عليه خدمة للمقاومة ضد الاحتلال؟
لا يوجد اي ثمن بل خسارة كبرى وتشويه متعمد للقضية, ورصيد آخر في خدمة صورة اسرائيل الزائفة.